روي أنّ في
الجاهليّة لم يكن للطلاق حدّ ، فالرجل منهم إذا طلّق امرأته ثمّ راجعها قبل أن
تنقضي عدّتها كان له ذلك وإن طلّقها ألف مرّة ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنزلت : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) أي : التطليق ، كالسلام والكلام والوداع بمعنى التسليم
والتكليم والتوديع ، أي : التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق ، كقوله
تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ
الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)[١] أي : كرّة بعد كرّة ، ومثله : لبّيك لا على الجمع
والإرسال دفعة واحدة ، كما قاله الشافعي ، فمن طلّق ثلاثا بلفظ واحد لم يأت
بالمرّتين ولا بالثالثة ، كما أنّه لمّا أوجب في اللعان أربع شهادات ، فلو أتى
بالأربع بلفظ واحد لما أتى بالمشروع ولم يحصل حكم اللعان ، وكذلك من رمى الجمار
بسبع حصيات دفعة واحدة لم يجز عنه بلا خلاف ، فكذلك الطلاق.
واحتجّ أصحابنا
بعد أخبارهم الّتي رووها عن أهل البيت عليهمالسلام بما روي في حديث ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّما السنّة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلّقها
لكلّ قرء تطليقة» [٢]. فحكموا بتحريم الثلاث المرسلة أو الثنتين المرسلتين ،
وأنّ ذلك بدعة.
(فَإِمْساكٌ
بِمَعْرُوفٍ) أي : فالواجب إذا راجعها بعد التطليقتين إمساك