القوت ، وبذلك وردت أخبار كثيرة وترغيبات عظيمة ، حتى إنّ زين العابدين [١]عليهالسلام كان يتصدّق بفاضل كسوته. وكلام ابن عبّاس يدلّ على
كراهية الصدقة بما هو توسعة على العيال ، ولذلك قال عليهالسلام : «لا صدقة وذو رحم محتاج». وعلى كراهية ما لم يبق غنى
، فإن آل إلى الاعدام ولا كسب له ربما يصير حراما ، خصوصا مع وجود العيال. والقول
الرابع يدلّ على أنّه تستحبّ الصدقة بالمال اللذيذ والشهيّ. وكذلك نقل عن الحسن عليهالسلام أنّه كان يتصدّق بالسكّر ، فقيل له في ذلك فقال : إنّي
أحبّه ، وقد قال الله تعالى : (لَنْ تَنالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)[٢].
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ
اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) أي : مثل ما بيّن أنّ العفو أصلح من الجهد ، أو ما ذكر
من الأحكام. والكاف في موضع النصب صفة لمصدر محذوف ، أي : تبيينا مثل هذا التبيين.
وإنّما وحّد العلامة والمخاطب به جمع على تأويل القبيل والجمع (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) في الدلائل والأحكام (فِي الدُّنْيا
وَالْآخِرَةِ) في أمور الدارين ، فتأخذون بالأصلح والأنفع فيهما ،
وتتجنّبون عمّا يضرّكم ولا ينفعكم ، أو عمّا يضرّكم أكثر ممّا ينفعكم.
روي أنّه لمّا
نزلت : (إِنَّ الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً)[٣] اعتزلوا اليتامى وتركوا مخالطتهم والقيام بأموالهم
والاهتمام بمصالحهم ، فشقّ ذلك عليهم وكاد يوقعهم في الحرج ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنزلت. (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْيَتامى) أي : القيام بأحوالهم والتصرّف في أموالهم (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) أي : مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم خير من مجانبتهم.
ثمّ حثّهم على المخالطة بقوله : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) وتعاشروا (فَإِخْوانُكُمْ) في الدين ، ومن حقّ الأخ أن يخالط أخاه. وقيل : المراد
بالمخالطة المصاهرة (وَاللهُ يَعْلَمُ
الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) أي : لا يخفى