المسلمين والمشركين ، وذلك الفيء أوّل فيء أصابه المسلمون ، فقالت قريش :
قد استحلّ محمد الشهر الحرام شهرا يأمن فيه الخائف ، ويبذعرّ [١] فيه الناس إلى
معايشهم ، فركب وفد من قريش حتى قدموا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : أتحلّ القتال في الشهر الحرام؟ فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ
فِيهِ) بدل الاشتمال من الشهر ، فالسائلون هم المشركون سألوه
تشنيعا وتعييرا. وقيل : أصحاب السريّة تألّما ممّا وقع منهم من قتل الحضرمي ،
وقالوا : لا نبرح حتى تنزل توبتنا.
(قُلْ قِتالٌ فِيهِ
كَبِيرٌ) أي : ذنب كبير (وَصَدٌّ) صرف ومنع (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي الإسلام ، أو ما يوصل العبد إلى الله تعالى من
الطاعات (وَكُفْرٌ بِهِ) أي : بالله (وَالْمَسْجِدِ
الْحَرامِ) على إرادة المضاف ، أي : وصدّ المسجد الحرام. ولا يحسن
عطفه على «سبيل الله» ، لأنّ عطف قوله : «وكفر به» على «وصدّ» مانع منه ، إذ لا
يتقدّم العطف على الموصول على العطف على الصلة ، ولا على الهاء في «به» ، لأنّ
العطف على الضمير المجرور إنّما يكون بإعادة الجارّ.
(وَإِخْراجُ أَهْلِهِ
مِنْهُ) أهل المسجد ، وهم النبيّ والمؤمنون (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) ممّا فعلته السريّة خطأ وبناء على الظنّ. وهو خبر عن
الأشياء الأربعة المعدودة من كبائر قريش. وأفعل ممّا يستوي فيه الواحد والجمع ،
والمذكّر والمؤنّث (وَالْفِتْنَةُ
أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) أي : وما ترتكبونه من الإخراج والشرك أفظع ممّا ارتكب
أصحاب السريّة من قتل الحضرمي.
عن ابن عبّاس :
لمّا نزلت هذه الآية أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الغنيمة وأخرج خمسها ، وهو أوّل خمس وغنيمة في الإسلام
كما مرّ ، وقسّم الباقي بعد الخمس في السريّة. وفيه دلالة على إخراج الخمس من أصل
الغنيمة.