(فَهَدَى اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِ) «من» بيان لما اختلفوا فيه قبل إنزال الكتاب ، أي : للحقّ الّذي اختلف فيه
من اختلف (بِإِذْنِهِ) بأمره ، أو بإرادته ولطفه (وَاللهُ يَهْدِي) باللطف والتوفيق (مَنْ يَشاءُ) من المكلّفين المسترشدين للحقّ (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) لا يضلّ سالكه ، فهو طريق الإسلام.
ثمّ ذكر سبحانه
ما جرى على المؤمنين من الأمم الخالية ، تسلية لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ولأصحابه فيما نالهم من المشركين وأمثالهم ، وتشجيعا
لهم على ثباتهم مع مخالفيهم ، لأنّ سماع أخبار الصالحين يرغّب في مثل أحوالهم ،
فقال خاطبا به النبيّ والمؤمنين : (أَمْ حَسِبْتُمْ) «أم» منقطعة ، ومعنى الهمزة فيها التقرير وإنكار الحسبان واستبعاد (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ) ولم يأتكم ، فإنّ أصل «لمّا» لم ، زيدت عليها ما ،
وفيها توقّع (مَثَلُ الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) حالهم الّتي هي مثل في الشدّة ، أي : مثل ما امتحنوا به
(مَسَّتْهُمُ
الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) بيان له على الاستئناف. والبأساء نقيض النعماء ، والضرّاء
نقيض السرّاء. وقيل : البأساء القتل ، والضرّاء الفقر ، أو البأساء شدّة الفقر ،
والضرّاء المرض والجوع والخروج عن الأهل والمال.
(وَزُلْزِلُوا) وأزعجوا إزعاجا شديدا شبيها بالزلزلة بما أصابهم من
الشدائد والأهوال (حَتَّى يَقُولَ
الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) لتناهي الشدّة واستطالة المدّة ، بحيث تقطّعت حبال
الصبر. وفي هذه الغاية دليل على تناهي الأمر في الشدّة