وهو واجب بالإجماع ، على خلاف في أنّه نسك أو جبران ، فعندنا وعند أبي
حنيفة أنّه نسك يؤكل منه ، وعند الشافعي هو جبران جار مجرى الجنايات ولا يؤكل منه.
واعلم أنّ حجّ
التمتّع قد يكون ابتداء ، كمن يحرم أوّلا بالعمرة ثمّ بعد قضاء مناسكها يحرم بالحجّ
، وذلك ممّا لا نزاع في مشروعيّته. وقد يكون بالعدول عن حجّ الإفراد ، فإنّ من دخل
مكّة محرما بحجّ الإفراد فالأفضل أن يعدل إلى عمرة التمتّع ويتمّ حجّ التمتّع.
وهذا الّذي منعه جميع فقهاء العامّة متمسّكين بقول عمر : متعتان في عهد رسول الله
، أنا أحرّمهما وأعاقب عليهما. وأمّا من دخل قارنا فلا يجوز العدول.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أي : الهدي (فَصِيامُ ثَلاثَةِ
أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) فعليه صيامها في أيّام الاشتغال به بعد الإحرام وقبل
التحلّل. والأفضل أن يصوم يوما قبل التروية ، والتروية ، وعرفة [١](وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) إلى بلادكم وأهاليكم. ولو أقام بمكّة انتظر قدر وصول
صحبه إلى بلده ، أو مضيّ شهر.
(تِلْكَ عَشَرَةٌ) فذلكة [٢] الحساب. وفائدتها أن لا يتوهّم أنّ الواو بمعنى «أو» ،
كقولك : جالس الحسن وابن سيرين ، وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا ، فإنّ أكثر
العرب لم يحسنوا الحساب ، وفي أمثال العرب : علمان خير من علم ، وأنّ المراد
بالسبعة هو العدد دون الكثرة ، فإنّه يطلق لهما (كامِلَةٌ) صفة مؤكّدة تفيد المبالغة في محافظة العدد ، فإنّ فيه
زيادة توصية بصيامها ، وأن لا يتهاون بها ، ولا ينقص من عددها ، كما تقول للرجل
إذا كان لك اهتمام بأمره تأمره به وكان منك بمنزلة : الله الله لا تقصّر ، أو
مبيّنة كمال العشرة ، فإنّه أوّل عدد كامل ، إذ به تنتهي
[١] أي : الأفضل أن
يصوم يوم التروية وعرفة ويوما قبلهما.
[٢] في هامش النسخة
الخطّية : «الفذلكة في الحساب إجماله بعد التفصيل ، وذلك بأن يذكر أولا تفاصيله ثم
تجمل تلك التفاصيل ، ويكتب مؤخّر الحساب : فذلك كذا وكذا. منه».