(وَلا تَحْلِقُوا
رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أي : لا تحلّوا حتى تعلموا أنّ الهدي المبعوث إلى الحرم
بلغ محلّه ، أي : مكانه الّذي يجب أن ينحر فيه. والمحلّ بكسر الحاء يطلق على
المكان والزمان. ومحلّه منى يوم النحر إن كان الإحرام بالحجّ ، ومكّة إن كان
الإحرام بالعمرة. فهذا إن كان محصرا بالمرض. وأمّا إن كان مصدودا بالعدوّ فمحلّه
الموضع الّذي يصدّ فيه ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نحر هديه بالحديبية.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ
مَرِيضاً) مرضا يحوجه إلى الحلق (أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ
رَأْسِهِ) يحتاج فيه إلى الحلق للمداواة ، أو تأذّى بهوامّ رأسه
أو جراحة فحلق لذلك (فَفِدْيَةٌ) فعليه فدية ، أي : بدل وجزاء يقوم مقامه (مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) بيان لجنس الفدية. وأمّا قدرها فقد روي عن أئمّتنا عليهمالسلام أنّ الصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة على ستّة مساكين ،
وروي عشرة ، والنسك شاة ، وهو مخيّر فيها. ورووا ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لكعب بن عجرة : «لعلّك آذاك هو امّك؟ قال :
نعم يا رسول الله ، قال : احلق وصم ثلاثة أيّام ، أو تصدّق بفرق على ستّة مساكين ،
أو انسك شاة». والفرق [١] ثلاثة أصوع. والنسك مصدر. وقيل : هو جمع نسيكة ، أي : ذبيحة.
ولمّا ذكر حكم
المحصر ومن به أذى أو مرض قال : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) الإحصار ، يعني : فإذا لم تحصروا وكنتم في حال أمن وسعة
(فَمَنْ تَمَتَّعَ
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) فمن استمتع وانتفع بالتقرّب إلى الله بالعمرة قبل
الانتفاع بتقرّبه بالحجّ. وقيل : من استمتع بعد التحلّل من عمرته باستباحة محظورات
الإحرام قاصدا إلى أن يحرم بالحجّ (فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنَ الْهَدْيِ) فعليه دم استيسره بسبب التمتّع من هدي المتعة.