ابن جبل قال : «يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقا كالخيط ، ثمّ يزيد
حتى يستوي ، ثمّ لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ ، ولا يكون على حالة واحدة؟ فنزلت».
والمعنى :
يسألونك عن أحوال الأهلّة في زيادتها ونقصانها ، ووجه الحكمة في ذلك (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) أي : معالم لهم يحتاجون إلى مقاديرها في صومهم وفطرهم
وعدد نسائهم ومحلّ ديونهم (وَالْحَجِ) ومعالم لحجّهم يعرف بها وقته. وهذا تخصيص بعد التعميم ،
للاهتمام بشأنه.
وملخّص المعنى
: أنّهم لمّا سألوا عن الحكمة في اختلاف حال القمر وتبدّل أمره ، فأمره الله تعالى
أن يجيب بأنّ الحكمة الظاهرة في ذلك أن يكون معالم للناس يوقّتون بها أمورهم ،
ومعالم للعبادات الموقّتة يعرف بها أوقاتها ، خصوصا الحجّ ، فإنّ معرفة وقت الحجّ
موقوفة عليها. والمواقيت جمع ميقات من الوقت. والفرق بينه وبين المدّة والزمان :
أنّ المدّة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها ، والزمان مدّة
مقسومة ، والوقت الزمان المفروض لأمر.
روي أنّ
الأنصار إذا أحرموا لم يدخلوا دارا ولا فسطاطا من بابه ، بل إن كانوا من أهل المدر
ينقبون في ظهر بيوتهم نقبا منه يدخلون ويخرجون ، أو يتّخذون سلّما يصعدون فيه ،
وإن كانوا من أهل الوبر يجعلون فرجة خلف الخباء يخرجون ويدخلون منه ، ويعدّون ذلك
برّا ، فبيّن الله تعالى لهم أنّه ليس ببرّ ، فقال : (وَلَيْسَ الْبِرُّ
بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) أي : ليس البرّ بتحرّجكم من دخول الباب وإتيانكم البيوت
من ورائها (وَلكِنَّ الْبِرَّ
مَنِ اتَّقى) أي : برّ من اتّقى المحارم والشهوات غير المشروعة.
ووجه اتّصاله
بما قبله أنّهم سألوا عن الأمرين ، أو أنّه لمّا ذكر أنّ الأهلّة