وروي أنّها
نزلت ولم ينزل «من الفجر» ، فقال عديّ بن حاتم للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي وضعت خيطين من شعر أبيض وأسود ، فكنت أنظر فيهما
فلا يتبيّن لي؟ فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى رئيت نواجذه ، ثمّ قال : يا ابن حاتم إنّما ذلك
بياض النهار وسواد الليل ، فابتداء الصوم من هذا الوقت ، ثمّ نزل : «من الفجر». فإن
صحّ هذا النقل ، وكان قبل دخول رمضان ، فتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز.
(ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيامَ) من وقت طلوع الفجر الثاني ، وهو المستطير المعترض الّذي
يأخذ الأفق ، وهو الفجر الصادق الّذي يجب عنده الصلاة (إِلَى اللَّيْلِ) هذا بيان آخر وقته وإخراج الليل عنه ، فينتفي صوم
الوصال ، أي : أتمّوه إلى وقت دخول الليل ، وهو بعد غروب الشمس. وعلامة دخوله سقوط
الحمرة من جانب المشرق ، وإقبال السواد منه إلى قامة الرأس. وعند العامّة دخول
الليل بمجرّد استتار القرص. والأوّل مذهب فقهائنا إلّا علم الهدى [١]قدسسره.
وبعد حكم الصوم
بيّن حكم الاعتكاف الّذي يكون الصوم من جملة شروطه ، فقال : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي
الْمَساجِدِ) معتكفون فيها ، أي : في حال اعتكافكم فيها. والاعتكاف
هو اللبث في المسجد الأعظم من كلّ بلد ، يكون أقلّه ثلاثة أيّام. وعند بعض علمائنا
[٢] الاعتكاف إنّما يكون في المساجد الأربعة لا غير : المسجد الحرام ، ومسجد
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة. والمراد بالمباشرة
الوطء فقط عند أكثر العامّة. وعند مالك وابن زيد الوطء وكلّ ما