وأمركم بالحنيفيّة السمحة الّتي لا إصر فيها ، ومن جملة ذلك ما أمركم
بالإفطار في السفر والمرض. وفيه دلالة على بطلان قول المجبّرة ، فإنّهم قائلون
بجواز تكليف ما لا يطاق.
(وَلِتُكْمِلُوا
الْعِدَّةَ) معطوفه محذوف ، دلّ عليه ما سبق ، أي : وشرع جملة ما
ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر ، والمرخّص له بالقضاء مراعاة لعدّة ما أفطر فيه ،
والترخيص في إباحة الفطر لتكملوا العدّة (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ
عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) شرع ذلك. فهذه علل الفعل المحذوف على سبيل اللفّ ، فإنّ
قوله : «ولتكملوا» علّة الأمر بمراعاة العدّة ، (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) علّة الأمر بالقضاء وبيان كيفيّته ، (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) علّة الترخيص والتيسير ، أي : إرادة أن تشكروا. ويجوز
أن يكون «ولتكملوا» معطوفا على علّة مقدّرة ، كأنّه قيل : يريد الله ليسهّل عليكم
ولتكلموا العدّة. وعن عاصم : ولتكمّلوا بالتشديد.
والمراد
بالتكبير عندنا التكبير عقيب أربع صلوات : المغرب والعشاء ليلة الفطر ، والغداة ،
وصلاة العيد ، على مذهبنا. وقيل : التكبير عند الإهلال. وقيل : المراد به :
ولتعظّموا الله على ما أرشدكم له من شرائع الدين.
وإنّما عدّي
فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمّنا معنى الحمد ، كأنّه قيل : ولتكبّروا الله
حامدين على ما هداكم. و «ما» يحتمل المصدر والخبر ، أي : على هدايتكم ، أو على
الّذي هداكم إليه.