(أُولئِكَ الَّذِينَ
اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) في الدنيا (وَالْعَذابَ
بِالْمَغْفِرَةِ) في الآخرة ، بكتمان الحقّ للمطامع والأغراض الدنيويّة (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) تعجّب من حالهم في جرأتهم على النار ، والتباسهم
بموجبات النار من غير مبالاة. و «ما» تامّة مرفوعة بالابتداء ، وتخصيصها كتخصيص
قولهم : «شرّ أهرّ ذا ناب. أو استفهاميّة وما بعدها خبرها ، أي : أيّ شيء صبرهم؟
أو موصولة وما بعدها صلة والخبر محذوف ، أي : الّذي صبّرهم شيء عظيم. يقال : أصبره
على كذا وصبّره بمعنى.
(ذلِكَ) ذلك العذاب (بِأَنَّ اللهَ) بسبب أنّ الله (نَزَّلَ الْكِتابَ
بِالْحَقِ) فرفضوه بالتكذيب أو الكتمان (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) في كتب الله ، فاللام فيه للجنس ، واختلافهم إيمانهم
ببعض كتب الله وكفرهم ببعض. أو في التوراة ، فاللام للعهد ، واختلفوا بمعنى :
تخلّفوا عن المنهج المستقيم في تأويلها ، أو خلّفوا خلاف ما أنزل الله مكانه ، أي
: حرّفوا ما فيها. أو في القرآن ، واختلافهم فيه قولهم : سحر ، وتقوّل ، وكلام
علّمه بشر ، وأساطير الأوّلين (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) لفي خلاف بعيد عن الحقّ ، غير مجتمعين على الصواب.