ثمّ بيّن سبحانه
فضل هذه الأمّة على سائر الأمم ، فقال : (وَكَذلِكَ) إشارة إلى مفهوم الآية المتقدّمة ، أي : كما جعلناكم
مهديّين إلى الصراط المستقيم ، أو جعلنا قبلتكم أفضل القبل (جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أي : خيارا ، أو عدولا مزكّين بالعلم والعمل. وهو في
الأصل اسم المكان الذي تستوي إليه المساحة من الجوانب ، ثمّ استعير للخصال
المحمودة ، لوقوعها بين طرفي إفراط وتفريط ، كالجود بين الإسراف والبخل ، والشجاعة
بين التهوّر والجبن ، ثمّ أطلق على المتّصف بهذه الخصال ، مستويا فيه الواحد
والجمع والمذكّر والمؤنّث ، كسائر الأسماء التي وصف بها. واستدلّ به على أنّ
الإجماع حجّة ، إذ لو كان فيما اتّفقوا عليه باطل لانثلمت به عدالتهم.
ومتى قيل : إذا
كان في الأمّة من ليس هذه صفته ، فكيف وصفت جماعتهم بذلك؟
فالجواب : أنّ
المراد به من كان بتلك الصّفة ، ولأنّ كلّ عصر لا يخلو من جماعة هذه صفتهم ، ولا
يكون الاستمساك على حجّية الإجماع إلّا لوجود الإمام المعصوم في جملتهم ، فالحقيقة
الحجّة قول الإمام لا اجتماع الأمّة.
ويؤيّده ما روى
بريد بن معاوية العجلي ، عن الباقر عليهالسلام قال : «نحن الأمّة