فَلَنْ
يُقْبَلَ مِنْهُ)[١] ، فلا يوجد إذن دين آخر يماثل دين الإسلام في كونه حقّا
، حتى إن آمنوا بذلك الدين المماثل له كانوا مهتدين.
فقيل : «فإن
آمنوا» بكلمة الشكّ على سبيل الفرض والتقدير ، أي : فإن حصلوا دينا آخر مثل دينكم
مساويا له في الصحّة والسداد فقد اهتدوا.
وفيه : أنّ
دينهم الّذي هم عليه وكلّ دين سواه مغاير له غير مماثل ، لأنّه حقّ وهدى ، وما
سواه باطل وضلال. ونحو هذا قولك للرجل الّذي تشير عليه : هذا هو الرأي الصواب ،
فإن كان عندك رأي أصوب منه فاعمل به ، وقد علمت أن لا أصوب من رأيك ، ولكنّك تريد
تبكيت صاحبك ، أو توقيفه على أنّ ما رأيت لا رأي وراءه.
ويجوز أن لا
تكون الباء صلة زائدة ، وتكون للاستعانة ، كقولك : كتبت بالقلم وعملت بالقدوم [٢] ، أي : فإن
دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم الّتي آمنتم بها فقد اهتدوا.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) عمّا تقولون لهم ولم ينصفوا ، أو أعرضوا عن الإيمان
بالجميع (فَإِنَّما هُمْ فِي
شِقاقٍ) فما هم إلا في شقاق الحقّ ، وهو المناواة [٣] والمخالفة ،
فإنّ كلّ واحد من المتخالفين في شقّ غير شقّ الآخر ، وليسوا من طلب الحقّ في شيء ،
أي : فإن تولّوا عن الشهادة والدخول في الإيمان.
(فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللهُ) أي : يكفيك ويدفع عنك يا محمد شرّ اليهود والنصارى. وقد
أنجز وعده بقتل قريظة وسبيهم ، وإجلاء بني النضير ، وضرب الجزية على الفريقين.
ففيه تسلية وتسكين للمؤمنين ، ووعد لهم بالحفظ والنّصر على من