(وَما أُوتِيَ مُوسى
وَعِيسى) أي : بالتوراة والإنجيل. أفردهما بالذكر بحكم أبلغ ،
لأنّ أمرهما بالإضافة إلى موسى وعيسى مغاير لما سبق ، والنزاع وقع فيهما (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) جملة المذكورين منهم وغير المذكورين (مِنْ رَبِّهِمْ) منزلا عليهم من ربّهم.
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ
أَحَدٍ مِنْهُمْ) أي : لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، كما فعلت اليهود
والنصارى ، بل نؤمن بجميع الأنبياء وكتبهم. ولمّا كان «أحد» في سياق النفي مفيدا
للعموم ، فصحّ دخول «بين» عليه.
(وَنَحْنُ لَهُ) أي : لله (مُسْلِمُونَ) مذعنون مخلصون.
ولمّا نزل قوله
تعالى : (قُولُوا آمَنَّا
بِاللهِ) الآية قرأها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على اليهود والنصارى ، فلمّا سمعت اليهود ذكر عيسى
أنكروا وكفروا ، وقالت النصارى : إنّ عيسى ليس كسائر الأنبياء ، لأنّه ابن الله ،
فنزلت : (فَإِنْ آمَنُوا) آمن هؤلاء الكفّار (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ
بِهِ) أي : إيمانا مثل إيمانكم بالله وكتبه ورسله. فالباء
مزيدة و «ما» مصدريّة. (فَقَدِ اهْتَدَوْا) أي : سلكوا طريق الهدى.
هذا من باب
التبكيت والتعجيز ، كقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ
مِنْ مِثْلِهِ)[١] لأنّ دين الحقّ واحد لا مثل له ، وهو دين الإسلام ، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً