وعن أمير
المؤمنين عليهالسلام : «أوّل شيء نزل من السماء إلى الأرض لهو البيت الّذي
بمكّة ، أنزله الله ياقوتة حمراء ، ففسق قوم نوح في الأرض ، فرفعه» [١].
روي عن الباقر عليهالسلام : أنّ إسماعيل أوّل من شقّ لسانه بالعربيّة ، وكان أبوه
يقول له وهما يبنيان البيت : يا إسماعيل هابي ابن ، أي : أعطني حجرا ، فيقول له
إسماعيل بالعربيّة : يا أبة هاك حجرا ، فإبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة.
(رَبَّنا) أي يقولان : ربّنا. وهذا الفعل المقدّر في محلّ النصب
على الحال ، أي : حال كونهما يقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ
مِنَّا) وفيه دلالة على أنّهما بنيا الكعبة مسجدا لا سكنا ،
لأنّهما طلبا من الله القبول الّذي معناه الإثابة ، والثواب إنّما يطلب على
الطاعات. (إِنَّكَ أَنْتَ
السَّمِيعُ) لدعائنا (الْعَلِيمُ) بنيّاتنا.
(رَبَّنا وَاجْعَلْنا
مُسْلِمَيْنِ لَكَ) أي : مخلصين لك من : أسلم وجهه لله ، أو مستسلمين لك
خاضعين منقادين. والمراد طلب الزيادة في الإخلاص أو الخضوع أو الثبات عليه ، أي :
زدنا إخلاصا أو خضوعا وإذعانا لك أو ثباتا عليه (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا) أي : اجعل بعض ذرّيّتنا (أُمَّةً مُسْلِمَةً
لَكَ). ويجوز أن تكون «من» للتبيين ، كقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)[٢] قدّم على المبيّن [٣].
وإنّما خصّا
الذرّيّة بالدعاء لأنّهم أحقّ بالشفقة ، ولأنّ أولاد الأنبياء إذا صلحوا صلح بهم
الأتباع ، ألا ترى أنّ المقدّمين من العلماء والكبراء إذا كانوا على
[٣] وهو قوله تعالى
: (أُمَّةً
مُسْلِمَةً لَكَ)
، والتقدير : واجعل أمّة مسلمة لك من ذرّيّتنا ، كما أن التقدير في قوله تعالى (في
سورة الطلاق : ١٢) : (خَلَقَ
سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ)
: سبع سماوات ومثلهنّ من الأرض.