فقال إبراهيم
لمّا فرغ من بناء البيت : (رَبِّ اجْعَلْ هذا
بَلَداً آمِناً)[١](وَارْزُقْ أَهْلَهُ
مِنَ) أنواع (الثَّمَراتِ مَنْ
آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أبدل «من آمن» من «أهله» بدل البعض للتخصيص ، يعني :
وارزق المؤمنين منهم خاصّة.
(قالَ وَمَنْ كَفَرَ) عطف على «من آمن» ، كما أنّ قوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)[٢] عطف على الكاف في «جاعلك». أي : وارزق من كفر. والمعنى
: أنّ الله تعالى قال : قد استجبت دعوتك فيمن آمن منهم ومن كفر.
وإنّما خصّ
إبراهيم عليهالسلام المؤمنين بالدعاء حتّى قال سبحانه : «ومن كفر» ، لأنّ
الله كان أعلمه أنّه يكون في ذرّيّته ظالمون بقوله : (لا يَنالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ)[٣] ، فاقتصر طلب الرزق على المؤمنين قياسا على ما سبق ، فعرّفه الفرق بين
الرزق والإمامة ، لأنّ الاستخلاف استرعاء يختصّ بمن لا يقع منه الظلم ، بخلاف
الرزق ، فإنّه قد يكون استدراجا للمرزوق ، وإلزاما للحجّة.
ويجوز أن يكون «ومن
كفر» مبتدأ تضمّن معنى الشرط ، وقوله : (فَأُمَتِّعُهُ
قَلِيلاً) خبره. والكفر وإن لم يكن سبب التمتيع لكنّه سبب تقليله
، بأن يجعله مقصورا بحظوظ الدنيا ، غير متوسّل به إلى نيل الثواب ، ولذلك عطف عليه
قوله : (ثُمَّ أَضْطَرُّهُ
إِلى عَذابِ النَّارِ) أي : ألزّه [٤] لزّ المضطرّ الّذي لا يملك الامتناع ممّا أضطرّه إليه ،
وذلك لكفره وتضييعه ما متّعته به من النعم.