(إِنَّ فَضْلَهُ كانَ
عَلَيْكَ كَبِيراً)[١] ، وأنّ حرمان بعض عباده عن الاستنباء ليس لضيق فضله ،
بل لمشيئته على وفق اقتضاء المصلحة. والحكمة فيه : أنّ كلّ خير نال عباده في دينهم
أو دنياهم فإنّه من عنده ، ابتداء منه إليهم ، وتفضّلا عليهم ، من غير استحقاق
منهم لذلك عليه.
روي أنّهم
طعنوا في النسخ ، فقالوا : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثمّ ينهاهم عنه
ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا؟! فنزلت : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها).
النسخ في اللغة
بمعنى إزالة الصّورة عن الشيء وإثبات غيرها فيه ، كنسخ الظلّ للشمس ، ثمّ استعمل
لكلّ إزالة ونقل ، كقولك : نسخت الرّيح الأثر أي : أزالته ، ونسخت الكتاب أي :
نقلته ، ومنه التناسخ. ونسخ الآية بيان انتهاء التعبّد بقراءتها ، أو الحكم
المستفاد منها ، أو بهما جميعا. وإنساؤها إذهابها عن القلوب ، ومثله قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ)[٢] أي : إلّا ما شاء الله أن تنساه.
و «ما» شرطيّة
جازمة لـ «ننسخ» ، منتصبة به على المفعوليّة.
وقرأ ابن عامر
: ننسخ ، من «أنسخ» أي : نأمرك بنسخها. وابن كثير وأبو عمرو : ننسأها ، أي :
نؤخّرها من النّسا.
والمعنى : أنّ
كلّ آية نذهب بها على ما توجبه الحكمة وتقتضيه المصلحة ،