(وَكانُوا مِنْ قَبْلُ
يَسْتَفْتِحُونَ) أي : يستنصرون (عَلَى الَّذِينَ
كَفَرُوا) على المشركين ، ويقولون : اللهمّ انصرنا بنبيّ آخر
الزمان ، المنعوت في التوراة ، لنقتل المشركين معه قتل عاد وإرم. أو يفتحون عليهم
، ويعرّفونهم أنّ نبيّا يبعث منهم ، وقد قرب زمانه. والسين للمبالغة ـ أي : يسألون
أنفسهم الفتح عليهم ، كالسّين في «استعجب واستسخر» ـ والإشعار بأنّ الفاعل يسأل
ذلك عن نفسه.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ ما
عَرَفُوا) من الحقّ (كَفَرُوا بِهِ) حسدا وخوفا على رئاستهم وانسداد وظائفهم كما مرّ (فَلَعْنَةُ اللهِ) أي : غضبه وعقابه (عَلَى الْكافِرِينَ) أي :
عليهم. فأتى
بالمظهر موضع المضمر للدلالة على أنّهم لعنوا لكفرهم ، فيكون اللام للعهد. ويجوز
أن يكون للجنس ، ويدخل اليهود فيه دخولا قصديّا ، لأنّ الكلام سيق بالأصالة فيهم.
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا
بِهِ أَنْفُسَهُمْ) «ما» نكرة بمعنى شيء مميّزة لفاعل «بئس» المستكن ، و «اشتروا» صفته. ومعناه
: باعوا أو اشتروا بحسب ظنّهم ، فإنّهم ظنّوا أنّهم خلّصوا أنفسهم من العقاب بما
فعلوا. والمخصوص بالذمّ قوله : (أَنْ يَكْفُرُوا بِما
أَنْزَلَ اللهُ).
ولمّا كان
البيع والشراء إزالة ملك المالك إلى غيره بعوض يعتاضه منه ، ثمّ يستعمل ذلك في كلّ
معتاض من عمله عوضا خيرا كان أو شرّا ، واليهود أو بقوا نفوسهم بكفرهم بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهلكوها ، فخاطبهم الله بما كانوا يعرفونه ، فقال : بئس
الشيء الّذي رضوا به عوضا من الإيمان بالله ، وما أنزله الله على نبيّه ، وما أعدّ
لهم به من ثواب الله ، الكفر به وما أعدّ لهم بكفرهم من النار.
(بَغْياً) طلبا لما ليس لهم ، وحسدا لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ كان من ولد إسماعيل ، وكانت الرسل قبل من بني
إسرائيل ، وهو علّة «يكفروا» دون «اشتروا» للفصل.
(أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ) لأن ينزّل ، أو حسدوه على أن ينزّل الله. وقرأ ابن كثير
وأبو