ثمّ عاد سبحانه
إلى خطاب بني إسرائيل فقال : (وَإِذْ أَخَذْنا
مِيثاقَكُمْ) أي : عهدكم باتّباع موسى والعمل بالتوراة (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) حتى قبلتم الميثاق ، وذلك أنّ موسى عليهالسلام لمّا جاءهم بالتوراة فرأوا ما فيها من التكاليف الشاقّة
كبرت عليهم وأبوا قبولها ، فأمر جبرئيل فقلع الطور فظلّله فوقهم حتى قبلوا. وقال
موسى إن قبلتم ما آتيتكم به ، وإلّا أرسل الجبل عليكم ، فأخذوا التوراة وسجدوا لله
ملاحظين إلى الجبل خوف الوقوع عليهم ، فمن ثمّ يسجد اليهود على أحد شقّي وجوههم.
وقلنا لكم بعد
رفع الطور فوقكم : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) من كتاب التوراة (بِقُوَّةٍ) بجدّ وصميم عزيمة (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) ادرسوه ولا تنسوه ، أو تفكّروا فيه ، فإنّ التفكّر ذكر
بالقلب ، أو اعملوا به (لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ) لكي تتّقوا المعاصي ، أو رجاء منكم أن تكونوا متّقين.
ويجوز أن يتعلّق بالقول المحذوف ، أي : قلنا خذوا واذكروا إرادة أن تتّقوا ، فإنّ
إرادة الله على أفعال العباد غير موجبة لها ، بل إرادته على أفعال يوجب صدورها.
(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) أعرضتم عن الوفاء بالميثاق (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي : بعد أخذه