وقلنا لهم : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي : من الشهيّ اللذيذ الّذي أعطيناكم وجعلناه رزقا لكم
(وَما ظَلَمُونا) وما نقصونا بكفرهم أنعمنا. وفيه اختصار ، تقديره :
فظلموا بأن كفروا هذه النعم (وَلكِنْ كانُوا
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالكفران ، لأنّه لا يتخطّاهم ضرّه.
ومجمل هذه
القصّة : أنّه لمّا ابتلاهم الله بالتّيه بسبب قولهم لموسى عليهالسلام : (فَاذْهَبْ أَنْتَ
وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)[١] حين أمرهم بالمسير إلى بيت المقدس وحرب العمالقة ،
بقوله : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ
الْمُقَدَّسَةَ)[٢] على تفصيل يجيء في موضعه إن شاء الله ، فوقعوا في
التّيه ، كلّما ساروا تاهوا في قدر خمسة فراسخ أو ستّة ، فكلّما أصبحوا ساروا إلى
المساء فإذا هم في مكانهم الّذي ارتحلوا منه كذلك ، حتى تمّت المدّة وهي أربعون
سنة. وفي التّيه توفّي موسى وهارون ، ثم خرج يوشع بن نون إلى حرب العمالقة.
وعن الصادق عليهالسلام كان ينزل المنّ على بني إسرائيل من بعد الفجر إلى طلوع
الشمس ، فمن نام في ذلك الوقت لم ينزل نصيبه ، فلذلك يكره النوم في ذلك الوقت إلى
طلوع الشمس.
(وَإِذْ قُلْنَا
ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) يعني : بيت المقدس. وقيل : أريحا من قرى الشام ، أمروا
به بعد التّيه ، وفيها كان بقايا من قوم عاد ، وهم العمالقة ورأسهم عوج ابن عنق (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً) أكلا واسعا بطيب النفس. ونصبه على المصدر ، أو الحال من
الواو.
(وَادْخُلُوا الْبابَ) باب القرية الّتي أمروا بدخولها ، أو القبّة الّتي
كانوا يصلّون