أبدا بالظرفيّة ، فإنّهما من الظروف الغير المتصرّفة. وأمّا قوله : (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ)[١] ونحوه ، فعلى تأويل : أذكر الحادث إذ كان كذا ، فحذف
الحادث وأقيم الظرف مقامه. وعامله في الآية «قالوا» أو «اذكر».
والملائكة جمع
ملأك على الأصل ، كالشمائل في جمع شمال ، والملك مخفّفة ، والتاء لتأنيث الجمع ،
وهو مقلوب مألك من الألوكة ، وهي الرسالة ، لأنّهم وسائط بين الله وبين رسله.
وبالاتّفاق هم ذوات موجودة قائمة بأنفسها.
وفي حقيقتهم
اختلاف بين العلماء ، فذهب أكثر المسلمين إلى أنّها أجسام لطيفة قادرة على التشكّل
بأشكال مختلفة ، مستدلّين بأنّ الرسل كانوا يرونهم كذلك. وزعم الحكماء أنّها جواهر
مجرّدة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة ، منقسمة إلى قسمين : قسم شأنهم
الاستغراق في معرفة الحقّ والتنزّه عن الاشتغال بغيره ، كما وصفهم في محكم تنزيله
فقال تعالى : (يُسَبِّحُونَ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ)[٢]. وهم العلّيّون والملائكة المقرّبون. وقسم يدبّر الأمر
من السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء وجرى به القلم الإلهي (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ)[٣]. وهم المدبّرات أمرا ، فمنهم : سماويّة ومنهم ارضيّة. والمقول
لهم في هذه الآية الملائكة كلّهم ، لعموم اللفظ وعدم المخصّص. وقيل : ملائكة الأرض
الّذين هم بعد الجانّ [٤].
و «جاعل» من «جعل»
الّذي له مفعولان ، أي : إنّي مصيّر في الأرض خليفة ،