أم هل الحجّ الذي
به يلتقي المسلمون بعضهم ببعضهم الآخر ، ويحصل التعرّف بينهم وحلّ مشاكلهم ، وفيه
ارتزاق أهل مكّة واستفادة الفقراء من الذبائح والتجارة ، والاطّلاع على مهد
الرسالة ومواضع نزول جبرئيل والتقاء أفراد الامّة بأئمتها وعلمائها ، والتواجد في
مثل تلك المشاعر الشريفة التي يشعر فيها المؤمن بالاتّصال بالله وصقل روحه صقلا
كاملا ، هل في مثل ذلك كلّه ضرر؟
إن بذلك وحدة
المسلمين وقوّتهم واستمرارهم ، هل مثل ذلك ضرر أو عين النفع والصواب؟!
إنّنا لو أردنا أن
نؤسّس مجتمعا عقلائيا يعيش المدينة الفاضلة لما كنّا نعدو أمثال هذه القوانين ،
ولئن كنّا نعدو بعضها فذلك وليد جهلنا بها وعدم توصّل عقول العقلاء إليها.
والذي نراه سببا
لنشوء فكرة التخصيص الكثير : النظر إلى الإسلام كمجموعة تشريعات جاءت لإصلاح شئون
الأفراد دون المجتمع ، انّ النظر إلى الإسلام بهذا الشكل يولّد حتما مثل هذه
الشبهة ، أمّا إذا نظرنا إليه بصفته مجموعة تشريعات جاءت لإصلاح الساحة العالمية
أيضا فلا يتمّ ما ذكر ، لأنّ الساحة العالمية تحتاج إلى مثل هذه القوانين ليلتئم
فيها النظام وتسود به السعادة ؛ (وَلَكُمْ فِي
الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ)[١].
والكلمة المختصرة
في حلّ الشبهة : انّ الضرر في الأمثلة المتقدّمة وغيرها يصدق فيما إذا لم يعد نفع
القانون إلى الشخص نفسه