الأشياء المتكثّرة منها: ما تتكثّر بحسب حقائقها. و منها: ما تتكثّر بعددها مع اشتراكها في حقيقة واحدة. و الثاني إمّا أن توجد آحادها غير قارّة أو تكون قارّة.
و الأوّل لا يمكن أن يوجد إلاّ مع زمان أو في زمان؛ فإنّ علّة كون الموجود غير قارّ إنّما هو الزمان الذي لذاته يقتضي التغيّر و التصرّم [2]و التجدّد لذاته و يتغيّر ما فيه كالحركة أو ما معه كالجسم على الوجه المذكور.
و الثاني لا يوجد إلاّ في مكان أو مع مكان؛ فإنّ علّة التكثّر إنّما هي المادّة التي تقتضي الوضع و التخصيص بجهة دون جهة، و الماهيات النوعية إذا تحصّلت أشخاصها؛ فإنّ سبب تعيّناتها، الأوّل هو إمّا الزمان كما للحركات أو المكان كما للأجسام أو هما معا كما للأجسام المتغيّرة و الذي لا يتعلّق وجوده بزمان و لا مكان فإنّ العقل لا ينسبه إليهما كما في الإنسانيّة من حيث هي؛ فإنّها لا يقال فيها: «متى توجد؟» و «أين توجد؟» فالمدركات من هذين القبيلين هل تفتقر إلى آلات جسمانية تدرك التغييرات الحاضرة في زمانها و تحكم بوجودها و بفقدان ما يكون في غير ذلك الزمان بل يحكم بوجوده في أحد زماني الماضي و المستقبل أم لا؟
فالحقّ أنّه قد نفتقر في ذلك إلى آلات في إدراكنا نحن.
و أمّا في حقّ واجب الوجود فليس كذلك إمّا للبرهان الذي أقمناه [3]على علمه تعالى به؛ فإنّه فاعل له فعلا محكما فيكون عالما به و إمّا لبرهانهم المذكور في علمه تعالى به من حيث إنّه علم [4]له، و العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول [5].
و هؤلاء لمّا قاسوا واجب الوجود في إدراكه لهذه الأمور علينا و نحن إنّما ندركها