responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سفینة البحار و مدینة الحکم و الآثار نویسنده : القمي، الشيخ عباس    جلد : 1  صفحه : 169

و انصرف من غزاته فنزل على عين البديدون المعروفة بالقشيرة فأقام هنالك، فوقف على العين فأعجبه برد مائها و صفاؤه و بياضه،و طيب حسن الموضع و كثرة الخضرة،فأمر بقطع خشب طوال،فبسط على العين كالجسر،و جعل فوقه كالأزج [1]من الخشب و ورق الشجر،و جلس تحت الكنيسة التي قد عقدت له و الماء تحته،و طرح في الماء درهم صحيح فقرأ كتابته و هو في قرار الماء لصفاء الماء،و لم يقدر أحد يدخل يده في الماء من شدّة برده،فبينا هو كذلك إذ لاحت سمكّة نحو الذراع كأنها سبيكة فضّة،فجعل لمن يخرجها سيفا،فبدر بعض الفرّاشين فأخذها و صعد،فلما صارت على حرف العين أو على الخشب الذي عليه المأمون اضطربت و أفلتت من يد الفرّاش فوقعت في الماء كالحجر،فنضح من الماء على صدر المأمون و نحره و ترقوته فبلّت ثوبه،ثمّ انحدر الفرّاش ثانية فأخذها و وضعها بين يدي المأمون في منديل تضطرب،فقال المأمون:تقلى الساعة،ثمّ أخذته رعدة من ساعته فلم يقدر يتحرّك من مكانه،فغطي باللحف و الدواويج [2]و هو يرتعد كالسعفة و يصيح:البرد البرد،ثمّ حوّل الى المغرب و دثّر و أوقد النيران حوله و هو يصيح:البرد البرد،ثمّ أتي بالسمكّة و قد فرغ من قليها فلم يقدر على الذوق منها،و شغله ما هو فيه عن تناول شيء منها،و لما اشتدّ به الأمر سأل المعتصم بختيشوع و ابن ماسويه في ذلك الوقت عن المأمون و هو في سكرات الموت ما الذي يدلّ عليه علم الطبّ من أمره،و هل يمكن برؤه و شفاؤه، فتقدم ابن ماسويه و أخذ احدى يديه،و بختيشوع الأخرى،و أخذا المجسّة [3]من كلتا يديه فوجدا نبضه خارجا عن الإعتدال،منذرا بالفناء و الإنحلال،و التزقت ايديهما ببشرته لعرق كان يظهر من سائر جسده كالزيت أو كلعاب بعض الأفاعي،


[1] الأزج:بناء مستطيل مقوس السقف.

[2] الدواج:اللحاف.

[3] المجسّة:موضع الجسّ من يد المريض.

نام کتاب : سفینة البحار و مدینة الحکم و الآثار نویسنده : القمي، الشيخ عباس    جلد : 1  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست