وَ انْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ، فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً، وَ مَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً، لَابُدَّ مِنَ الْوُرُودِ عَلَيْهَا، وَ الْوُقُوفِ عِنْدَهَا، وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَلَاحِظَ الْمَنِيَّةِ نَحْوَكُمْ دَانِيَةٌ، وَ كَأَنَّكُمْ بِمَخَالِبِهَا وَ قَدْ نَشِبَتْ فِيكُمْ، وَ قَدْ دَهَمَتْكُمْ فِيهَا مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ، وَ مُعْضِلَاتُ الَمحْذُورِ. فَقَطِّعُوا عَلَائِقَ الدُّنْيَا وَ اسْتَظْهِرُوا بِزَادِ التَّقْوَى.
و قد مضى شيء من هذا الكلام فيما تقدم، بخلاف هذه الرواية.
و من خطبة له (ع) (205)
كلم به طلحة و الزبير بعد بيعته بالخلافة و قد عتبا عليه من ترك مشورتهما،
و الاستعانة في الأمور بهما
لَقَدْ نَقَمْتَما يَسِيراً، وَ أَرْجَأْتُما كَثِيراً. أَلا تُخْبِرَانِي، أَيُّ شَيْءٍ كانَ لَكُمَا فِيهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ؟ أَمْ أَيُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِهِ؟ أَمْ أَيُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ضَعُفْتُ عَنْهُ، أَمْ جَهِلْتُهُ، أَمْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ!
وَ اللَّهِ مَا كانَتْ لِي فِي الْخِلَافَةِ رَغْبَةٌ، وَ لَافِي الْوِلَايَةِ إِرْبَةٌ، وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا، وَ حَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ لَنَا، وَ أَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ، وَ مَا اسْتَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله، فَاقْتَدَيْتُهُ، فَلَمْ أَحْتَجْ فِي ذلِكَ إِلَى رَأْيِكُمَا، وَ لَارَأْيِ غَيْرِكُمَا، وَ لَاوَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ؛ فأَسْتَشِيرَكُمَا وَ إِخْوَانِي مِنَ الْمُسْلِمِنَ؛ وَ لَوْ كَانَ ذلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا، وَ لَاعَنْ غَيْرِكُمَا. وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأَسْوَةِ، فَإِنَّ ذلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيهِ بِرَأْيِي، وَ لَاوَلِيتُهُ هَوًى مِنِّي، بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتَما