وَ فَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسْؤُولِينَ، وَ ذلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ، وَ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ، وَ ضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ضِيقاً، تَسْتَطِيلُونَ مَعَهُ أَيَّامَ الْبَلَاءِ عَلَيْكُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لِبَقِيَّةِ الْأَبْرَارِ مِنْكُمْ.
إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرتْ نَبَّهَتْ؛ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاتٍ، وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ، يَحُمْنَ حَوْمَ الرّيَاحِ، يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً. أَلَا وَ إِنَّ أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِيعَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنيأُمَيَّةَ، فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ: عَمَّتْ خُطَّتُهَا وَ خَصَّتْ بَلِيَّتُهَا، وَ أَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيها، وَ أَخْطَأَ الْبَلاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا. وَ ايْمُ اللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَني أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبابَ سَوْءٍ بَعْدِي، كالنَّابِ الضَّرُوسِ: تَعْذِمُ بِفِيهَا، وَ تَخْبِطُ بِيَدِهَا، وَ تَزْبِنُ بِرِجْلِهَا، وَ تَمْنَعُ دَرَّهَا، لَا يَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّى لَا يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلَّا نَافِعَاً لَهُمْ، أَوْ غَيْرَ ضَائِرٍ بِهِمْ. وَ لَا يَزَالُ بَلاؤُهُمْ عَنْكُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلَّا كانْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبّهِ، وَ الصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ مَخْشِيَّةً، وَ قِطَعَاً جَاهِلِيَّةً، لَيْسَ فِيهَا مَنارُ هُدًى، وَ لَا عَلَمٌ يُرَى.
نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا بِمَنْجاةٍ، وَ لَسْنَا فِيهَا بِدُعاةٍ، ثُمَّ يُفَرّجُهَا اللَّهُ عَنْكُمْ كَتَفْرِيجِ الْأَدِيمِ: بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَ يَسُوقُهُمْ عُنْفاً، وَ يَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ، وَ لَا يُحْلِسُهُمْ إِلَّا الْخوْفَ، فَعِنْدَ ذلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ- بِالدُّنْيا وَ مَا فِيهَا- لَوْ يَرَوْنَني مَقَاماً وَاحِداً، وَلَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُوْرٍ لِأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْيَوْمَ بَعْضَهُ فَلَا يُعْطُونِيهِ!