بناء على هذه الرواية فإنّ المسلمين في سائر العالم كالجسد الواحد إذا اشتكى
مسلم منه في أقصى أرجاء المعمورة من ألم أو مرض أو مشكلة فإن باقي المسلمين
يجب أن يتأثروا من ذلك ويسعوا لحل تلك المشكلة ورفع ذلك الحيف (2)، فإن وقع
زلزال في (بم) وذهب ضحيته الآلاف وشرّد الآلاف من غيرهم، وإن وقع طوفان تسونامي في
دولة إسلاميّة في شرق آسيا وذهب ضحيته الآلاف الكثيرة ممن فقدوا أعزاءهم وشرِّدوا
من منازلهم، وإن نشبت حروب في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان وسلبت الطمأنينة
والهدوء عن سكان تلك المناطق، وإن سيطر المرض والقحط على سكان بلد ما فيجب على
المسلمين في مواجهة ذلك كله، أن يبدوا رد الفعل المناسب، ويسارعوا ضمن إمكاناتهم
وطاقاتهم أن يدعموهم ويساعدوهم، كما يجري عندما يصاب عضو من جسد الإنسان بالمرض
فإن كامل الجسم يعاني من السهر والحمى ويقوم بمضاعفة نشاطاته لإنقاذ ذلك العضو من الألم
والتعب.
2. يقول الإمام علي عليه السلاموهو على فراش الشهادة لولديه العزيزين الحسين
والحسين (عليهما السلام) ما يلي:
ويقول المفضل بن عمر: (أعطاني الإمام الصادق عليه السلاممقداراً من المال حتى
أحلّ به النزاعات بين شيعته على الأمور المالية، فوجدت نفرين منهم يتنازعان، وبعد
التحقق والاستفسار تبيّن أن منشأ نزاعهما سببه أربعمائة درهم، فأعطيت الأربعة درهم
إليهما ورفعت النزاع بينهما، ثم قلت لهما: هذا المال ممّا جعله الإمام الصادق عليه
السلامتحت تصرفي لهذا الغرض) (4) ولذلك فإنّ واجب كل مسلم أن يبادر بأي شكل ممكن
في سبيل حل مشكلات المسلمين الذين يواجهونها وألا يقف موقف المتفرج حيال ذلك.
3. في كتابه القيم (سفينة البحار) عند ذكره كلمة (هجران) ينقل المرحوم الحاج
الشيخ عباس القمي (رحمه الله) حديثاً مؤثراً عن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث
يقول:
أيّها القراء المحترمون! إننا نعرف إخوة متخاصمين طوال اثني عشر عاماً بسبب
الاختلاف على إرث أبيهم وهذا الأمر قبيح غير مقبول بالنسبة لمسلم، لا سيما إذا كان
سبب الخصام والنزاع والهجران المسائل المادية، ولا شك أنّ إصلاح ذات البين وإزالة
التوترات بين الناس وإصلاحهم من أهم العبادات، فما الإشكال إذا بادرنا للإصلاح بين
الأزواج الذين تنازعوا فيما بينهم لسنوات أو القيام بإرجاع المرأة إلى بيت أبيها
وزوجها؟
1. بحار الأنوار، ج 61، ص 148، ح 25.
2. وقد أشار الشاعر الإيراني الكبير مصلح الدين الشيرازي إلى هذه الخاصية
البشرية في أبيات مقتبسة من هذا الحديث، وفي مجموعته (گلستان)، الباب الأوّل،
الحكاية العاشرة.