responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 110

فالتفت علي عليه السلامإلى ذلك الشاب وقال له: احضر إلى المسجد غداً، حتى أقضي حول مشكلتك التي لم يشهد التاريخ مثلها إلّا في زمن نبي الله داود، ومن ثم أبلغ عليه السلامالمتهمين كذلك بالحضور إلى المسجد، ودعا الناس كذلك أن يشهدوا حكمه وقضاءه، وعندما حلّ الموعد المقرر أجلس عليه السلامكل واحد من المتهمين عند أسطوانة من أسطوانات المسجد وعصّب أعينهم، ثم أشار إلى الناس أن يكبّروا عندما يكبِّر، ثم أمر الشخص الأول المعصب العينين أن يأتي نحوه، فسأله: هل مات والد ذلك الشاب موتاً طبيعياً أو قتل؟ فأجابه المتهم بأنّه مات ميتة طبيعية، وعندما سأله أمير المؤمنين عليه السلامعمّا حلّ بأمواله؟ فقال: إنّي لا أعلم عن أمواله شيئاً، فسأله علي عليه السلامعن يوم مماته، فأجاب ذلك الشخص، مثلًا، يوم السبت، فخاطب علي عليه السلامكاتبه وقال له: سجّل كل تلك التصريحات، ثم سأله فأين دفن؟ فأجاب في ذلك المكان الفلاني، فسأله: فمن صلّى عليه؟ فقال له: الشخص الفلاني، فسأله: بأي مرض توفي ذلك الشخص، فأجابه بذلك المرض الفلاني، ثم سأله الإمام أمير المؤمنين عليه السلامعن حيثيات وتفاصيل أخرى، وكان كاتبه يسجّل كل ذلك، فإن كان المتهم صادقاً في قوله لكان جواب من كان معه مشابهاً لرده، وإن كان كاذباً في ردِّه لاختلفت أقوال من كان معه أو واحد منهم على الأقل في تلك التفاصيل، وعندما انتهى التحقيق مع ذلك الشخص كبّر علي عليه السلاموكبّر الحاضرون في المسجد، وعندما سمع المتهمون ذلك التكبير اضطرب المتهمون الآخرون، وقالوا لأنفسهم: لا ريب أنّ صديقنا قد اعترف بما عليه وتخلى عنّا، فأحضر علي عليه السلامالمتهم الثاني وخاطبه بالقول: (ما كان صديقك يريد أن يقوله، قد قال، ولهذا قل أنت الحقيقة، وبالتالي فإنّ الامام علي عليه السلاممن دون أن يكذب في قوله، خاطب ذلك المتهم بجملة تحمل أكثر من معنىً، لكي يأخذ ذلك المتهم راحته في الكلام، وهذا ما دفعه إلى الإقرار والاعتراف بالحقيقة، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّي لم أكن الوحيد الذي قتل ذلك الشخص، بل إنّ تلك الجريمة قد تمّت من قبلنا جميعاً، ومع اعتراف المتهم الثاني كبَّر أمير المؤمنين عليه السلام‌

وكبّر المؤمنون الحاضرون معه، فخاطب علي عليه السلامذلك الشاب ابن الرجل المقتول وقال له: ما أنت فاعل معهم، فردّ ذلك الشاب: يا أمير المؤمنين، لقد عفوت عنهم لحرمتك وكرامتك، فعند ذلك دعا علي عليه السلامأولئك الأشخاص واحداً بعد واحد، فاعترفوا جميعاً بقتل ذلك الرجل والتصرف في أمواله، عندها قام أمير المؤمنين عليه السلامبإرجاع الشخص الأوّل الذي لم يقرّ ويعترف فاعترف بما ارتكب، عندها ألزمهم علي عليه السلامبدفع المال وقصاص الدم (1).

على القضاة المحترمين أن يأخذوا الدروس من هذه الأحكام العجيبة والنماذج الأخرى التي تمتلئ بها الكتب المعتبرة (2)، حتى يتمكنوا بمطالعة تلك الأحكام أن يعيدوا حقوق المظلومين الضائعة بشكل أفضل وأسرع.

كما أنّ هذه الحادثة تشير أن مايقال من أنّه لا ينبغي التحقق أو التفحّص لصالح المدّعين هو أمر لا أساس له، بل يجب حتى الإمكان التحقق والبحث لكشف ملابسات القضية والوصول إلى الحقيقة.

2. طبقاً لرواية واردة في المصادر المعتبرة، أنّه راجعت امرأتان في زمن الخليفة الثاني إليه، وكل منهما تدّعي أنّها أم طفل ما، وأنّ الطفلة الأخرى هي للمرأة الأخرى، وكانت القصة أنّه حملت امرأتان بدون أن تحضر القابلة لتوليدهما، فولدت إحداهما طفلًا صبياً، والأخرى ولدت طفلة، واختلفا فيما بينهما حول الصبي وادّعت كل منهما أنّها أُمّه، وأنّ البنت للأخرى (3)، ولما سمع عمر بتلك الشكوى، جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حوله وسألهم: هل سمعتم في هذا المجال شيئاً من رسول الله؟ فقالوا: لا!، فقال لهم: فماذا نفعل؟ واقترح بعضهم أن يتمّ حلّ هذه المشكلة عن طريق‌

القرعة، فلم يقبل الخليفة ذلك.

ثم قال: إنّ مفتاح حلّ هذه المشكلة بيد علي عليه السلاموأظن أنّه يستطيع أن يوجد طريقاً صحيحاً أمامنا لحل تلك المشكلة، فصدّقه الحاضرون وقالوا: ابعث شخصاً إلى عليٍّ ليأتي إلينا ويحلّ مشكلتنا، عندها قال عمر الذي كان يهتم بالأمور الظاهرية: بما أننا نحتاج إليه لحلّ مسألتنا وإشكالنا، يجب أن نذهب نحن إليه لا أن يأتي إلينا، فذهب الخليفة وأصحابه إلى منزل علي عليه السلام، ولكنه لم يكن في منزله، ولما سألوا عنه قيل لهم: إنّه في البستان مشغول بسقاية النخل.

أيّها القارئ العزيز! أيّها الشباب الأعزاء! لقد كان سيدنا ومولانا علي عليه السلاميقوم بالزراعة والري والرعي، لذا لا ينبغي بنا أن نخجل من العمل، لأنّ العمل ليس عيباً أو عاراً، بل إنّ العار هو أن نكون عالة على المجتمع والوالدين، على أي حال فتوجهوا إلى بستان النخل، وعندما وصلوا هناك سمعوا صوت علي عليه السلاميتلو القرآن الكريم، مشغولًا بقراءة الآية (36) من سورة القيامة: أَيَحْسَبُ الإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً‌ حيث كان يتلو تلك الآية ودموعه تنزل من عينيه.

فأتوا إليه عليه السلاموقصّوا عليه القصّة كاملة، فانحنى علي عليه السلاموأخذ قبضة من التراب وقال: إنّ حلّ هذه المسألة أسهل عليَّ من أخذ قبضة من التراب عن الأرض، وأضاف قائلًا: ائتوا إلي بميزان ذي كفتين متساويتين، ثم أمر

نام کتاب : يسئلونك عن... نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست