«بمعونتي يحكم الملوك ويشرّع الحكّام
ما هو عدل بمعونتي يسود الرؤساء والعظماء وكلّ القضاة» [1].
وفي التعاليم الدينية للمسيحية فإنّ اللَّه تعالى قد فوّض حقّ التشريع هذا
لطائفتين من الناس، وهما:
1. رجال الكنيسة
فهؤلاء يمكنهم وضع وتشريع الأحكام في بعض الموارد، ويعدّ ذلك «أمراً إلهياً»
كما ورد في الكتاب المقدّس حيث قال المسيح لبطرس:
«وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكلّ
ما تربطه على الأرض، يكون قد رُبط في السماء، وما تحلّه على الأرض، يكون قد حلّ في
السماء» [2].
والمقصود من هذا الكلام الذي صرّح به «يوحنا بطرس غوري» هو أنّ كلّ حكم تضعه
الكنيسة بعنوان شريعة يرتدي لباس القداسة ويكون بعنوان حكم اللَّه وأمره، ويجب على
الجميع التحرّك على مستوى طاعته وامتثاله [3].
وكذلك نقرأ في الكتاب المقدّس أنّ النبيّ عيسى عليه السلام قال للحواريين:
ويقول «يوحنّا بطرس غوري» في كتابه «مختصر
اللاهوت الأدبي»: يستفاد من هذا الكلام:
«كلّ من يسمع كلامكم يسمع كلامي»
أنّ أولياء الكنيسة يتمتّعون بمنصب جعل وتشريع الأحكام.
وينطلق يوحنّا من موقع الاستدلال العقليّ على هذا المطلب ويقول:
«إنّ أرباب الكنيسة يمثّلون هيئة
كاملة تتولّى إدارة المجتمع من الناحية الدينية، فيجب لتنفيذ وإنجاز عمل هذه
الإدارة أن يتناسب عملهم مع مسؤوليتهم الثقيلة أنْ تكون لهم صلاحية في تشريع
الأحكام مضافاً إلى أداء بعض التكاليف، كمنع الناس من المنكرات وتشويقهم بالإتيان
بالأمور التي تقرّب من اللَّه تعالى، فإنّهم يرون أنّ مثل هذا الحقّ ضروريّ ولازم» [5].
ثمّ أضاف: «ومضافاً إلى ذلك فإنّ المنهجية والسنّة العملية للكنيسة كانت
دائماً تتمثّل في وضع الأحكام والفرائض بوصفها أحكاماً شرعية، وحتّى أنّه تمّ
تشكيل شورى لهذا الغرض للكنيسة لكي تعمل على تشريع الأحكام الجديدة في موارد
اللزوم» [6].
***
أمّا من هم الأشخاص الذين يحقّ لهم
وضع الأحكام في الكنيسة؟
نقول في الجواب: البابا، الشورى العامّة، الأساقفة، ومجامع الشورى الخاصّة،
فكلّ واحد من هؤلاء له الحقّ في وضع الأحكام بما يتناسب مع حاله ورتبته بالتفصيل
اللاحق.
البابا، يعني أسقف الروم، له الحقّ في وضع أحكام لكلّ الكنيسة، كما ورد في
الكتاب المقدّس، أنّ المسيح عليه السلام قال لبطرس: «أطعم أغنامي ... وعليك برعي
أغنامي» [7] ومن
الواضع أنّ المراد من «الرعي» في هذه