responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 53

لا أنّه إرشاد في قضايا عادية.

ج) الأصل بقاء واستمرار هذه الأحكام إلى يوم القيامة وعدم اختصاصها بزمان معيّن أو منطقة خاصة.

إنّ جميع هذه الجهات والأبعاد الثلاثة تعتمد في الأساس على ظهور مقام ومنصب المعصوم في واقع المجتمع البشري، «أي ظهور الحال» الذي هو حجّة كما في حجيّة كلامه، لأنّ المسؤولية الأصلية للرسول الأكرم صلى الله عليه و آله (وسائر المعصومين عليهم السلام) هي تبليغ دين اللَّه تعالى: «وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» [1] وتبيين المفاهيم القرآنية: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ» [2] «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» [3] وكذلك حفظ الشريعة من عناصر التحريف والخلل، وظاهر هذا المقام هو أنّ ما يصدر عن هؤلاء المعصومين يمثّل بيان حكم من أحكام اللَّه ومفهوم من المفاهيم القرآنية الخالدة والشاملة، كما أنّ المفاهيم القرآنية تتمتّع بهذه الميزة، أي الشمول والخلود «أُوحِىَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِانذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ» [4]،

«... لأنّ اللَّه تبارك وتعالى‌

لم يجعَله لزمانٍ دونَ زمانٍ ولا لِناسٍ دونَ ناسٍ ...» [5]

. فإنّ ذلك يصحّ في حالة عدم ثبوت خلافه، يعني عدم وجود قرائن وشواهد تشير إلى أنّ الكلام المذكور كان قد صدر عن النبيّ صلى الله عليه و آله أو الإمام عليه السلام بما أنّه حاكم أو بما هو ناصح وعالم وأمثال ذلك، وعليه فإنّ مقتضى الأصل «ظهور الحال» هو أنّ هذه الأحكام إلهيّة شاملة.

4. الإفراط والتفريط في تعيين دائرة الفقه وحدوده‌

«الإفراط» في تعيين دائرة الفقه هو أن نقول بوجود أحكام فقهية حتى في جزئيات الحياة اليومية وأنّ الأحكام الخمسة في الفقه جارية في جميع أنحاء سلوكيات الإنسان وفي جميع ميادين الحياة من قبيل ما نقل عن بعض مشايخ الصوفيّة أنّه قال: إنّي لم آكل الثمرة الفلانية لأنني لحدّ الآن لا أعلم أنّ رسول اللَّه أكل منها أم لا؟ وإذا كان قد أكل منها فكيف آكلها؟

هذا النمط من الفهم للفقه يقوم على أساس تصوّر أنّ الإنسان ليس له أي شأن واعتبار في إدارة أمور حياته، وأنّه يحتاج في كلّ حركة وعمل لإرشاد الشريعة وبيان حكمها في هذا الخصوص.

إنّ هذا القبيل من الفهم الإفراطي يمكن الوقوف عليه اليوم لدى جماعة السلفيين حيث إنّهم ينكرون كلّ جديد في حركة الحياة اليومية تحت عنوان (البدعة) ويخالفون مظاهر التطوّر الصناعي والتكنولوجي بشكل مطلق‌ [6].

وبديهي أنّ هذه الرؤية بالرغم من أنّها ترى للفقه شمولية وسعة أكثر، ولكنّها في الحقيقة تعمل على تجميد حركة الفقه وفعاليته، وبالتالي عدم قدرة الفقه على حلّ مشاكل المجتمعات الإنسانية.

وكما تقدّم فإنّ الفقه والقوانين الفقهية لا تستوعب أعمال وسلوكيات الإنسان سوى ما له تأثير في هداية الإنسان في خطّ الصلاح والإيمان، وأمّا المجالات العادية في حياة الإنسان التي لا تأثير لها في هداية أو إضلال الإنسان، فإنّها لا تدخل في دائرة الفقه والشريعة.

وهذه النقطة تتّضح أكثر عندما نعتقد بأنّ المباحات‌


[1]. سورة النور، الآية 54.

[2]. سورة النحل، الآية 44.

[3]. سورة إبراهيم، الآية 4.

[4]. سورة الأنعام، الآية 19.

[5]. بحار الأنوار، ج 17، ص 213، ح 18 عن الإمام الصادق عليه السلام.

[6]. كشف الإرتياب، ص 83-/ 90.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست