[الجزءالأول‌]

الغاية من تأليف هذا الكتاب‌

الإتّساع المدهش للعلوم:

كانت العلوم البشرية في البداية محدودة جدّاً بحيث كانت تندرج جميعها في كتاب صغير واحد. ولكن مع امتداد الزمن وتلاقح أفكار العلماء وانضمام التجارب البشرية إليها، ثمّ انتقالها من جيل إلى جيل آخر، اتّسعت وتنوّعت هذه العلوم، واستمرّت بالاتّساع المطّرد يوماً بعد آخر.

إنّ الحاجات المتزايدة للمجتمع البشري، بسبب التقدّم الثقافي وازدياد العلاقات وتنوّع الرغبات البشرية على المستوى المادّي والمعنوي، وتكامل هذه الرغبات والميول، كلّ ذلك أدّى إلى تشديد عملية التسريع في هذه الحركة المتصاعدة، بحيث نشهد في هذا العصر عالماً واسعاً ومتنوّعاً جدّاً من العلوم والمعارف البشرية، وقد تشكّلت مكتبات عامة في جميع نقاط العالم لحفظ هذه العلوم بحيث يحتاج الإنسان أحياناً للإنتقال من قسم إلى آخر في هذه المكتبات لاستخدام العجلات، بل إنّ مجرّد مطالعة فهرست لها يحتاج لسنوات عديدة.

إنّ هذا الاتّساع والنموّ في العلوم والمعارف البشرية شهد في القرون الأخيرة تسارعاً مذهلًا بحيث أنّ جميع العلوم والمعارف السابقة في مقابل علوم هذا القرن تشغل حيّزاً صغيراً من هذا الحجم الهائل من العلوم والمعارف البشرية، إنّ هذا النموّ والاتّساع بدوره معلول لعوامل كثيرة، منها اتّساع الحاجات، وتقارب العلاقات بين الشعوب، التطوّر المذهل لصناعة الطباعة، وجود المختبرات الواسعة والمدارس والجامعات، المنافسة العلمية بين العلماء، وأخيراً استخدام الاينترنيت والكامبيوتر في ميدان العلوم.