responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 477

المبلّغون من معارف دينية إلى الناس ليست بالمعنى المصطلح للاجتهاد، ولم يكن الناس يعملون بكلام هؤلاء المبلّغين من موقع التقليد الاصطلاحي، ولكن لا شكّ في أنّ هؤلاء المبلّغين يتحرّكون في بعض الموارد على مستوى استخراج الفروع والأحكام الفرعية من الأصول الكلّية، وكان عملهم مصداق الاجتهاد وتبعية الناس، وبذلك يتحقّق التقليد.

وفي عصر أئمّة أهل البيت عليهم السلام كان الكثير من المسلمين، الذين لم يتمكّنوا من الإحاطة بالعلوم الدينية، يراجعون مثل هؤلاء المبلّغين في صورة عدم توصّلهم إلى المعصوم. وهذا العمل بدوره بمثابة التقليد الذي أيّده الأئمّة وقالوا بصحّته، رغم أنّ الاجتهاد في ذلك العصر كان يخطو خطواته البدائية، وهنا نشير إلى بعض هذه الموارد:

1) يقول الإمام الباقر عليه السلام‌ لأبان بن تغلب‌ الذي كان من فضلاء أصحابه:

«إجْلِسْ في مَسْجِدِ المَدِينَةِ وأَفْتِ النّاسَ فإنّي أُحِبُّ أن يُرى‌ في شِيْعَتِي مِثْلُك» [1].

2) وكذلك سأل شخص الإمام الرضا عليه السلام:

«لَا أكَادُ أصِلُ إلَيْكَ أسألكَ عن كلِّ ما أحتاج إليه من مَعالم ديني، أفَيونُس بنُ عبدِالرّحمن ثقةٌ آخُذ عنه ما أحتاجُ إليه من مَعالم ديني؟ فقال: نَعَم» [2].

3) وسأل شخص آخر الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أيضاً:

«شُقَّتِي بَعِيدَةٌ ولَستُ أصِلُ إليك في كُلِّ وقتٍ، فَمِمَّن آخُذ مَعالِمَ دِيني؟ قال: مِن زَكَرِيّا بنِ آدَمَ القُمِّي المأمُونِ على‌ الدِّينِ والدُّنْيا» [3].

تقليد الصحابة والتابعين:

وقد كان المسلمون في صدر الإسلام- لاسيّما الأشخاص الذين دخلوا في الإسلام متأخّرين ولم يدركوا النبيّ- يسألون مسائلهم وأحكامهم من الصحابة وخاصّة من علمائهم، وفي العصور اللاحقة كانوا يسألون التابعين. ومن بين الصحابة الذين كانوا يفتون الناس، مضافاً إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام يمكن الإشارة إلى ابن عباس، ابن مسعود، زيد بن ثابت وجماعة آخرين‌ [4].

ومن بين التابعين ممّن كان من أصحاب الفتوى وكان الناس يأخذون منه أحكامهم الشرعية يمكن الإشارة إلى: سعيد بن المسيّب (م 94) وسعيد بن جبير (م 95) [5].

تقليد فقهاء مذاهب أهل السنّة:

وقد ظهر فقهاء كثيرون منذ بداية القرن الثاني إلى بداية القرن الرابع الهجريّ وقد اتّسع نطاق هذا الأمر بحيث كان في كلّ مدينة فقيه يفتي الناس، وكلّ واحد منهم يملك منهجاً خاصّاً في الاستنباط والإفتاء، وقالوا:

«إنّ المذاهب المختلفة في ذلك العصر قد بلغت أكثر من مائة مذهب» [6].

وبعد ذلك قرّروا تحديد المذاهب هذه بأربعة مذاهب (الحنفي، المالكي، الشافعي والحنبلي) وعلى الجميع أن يقلِّدوا أئمّة هذه المذاهب الأربعة (انظر إلى بحث المراحل التاريخية للفقه الإسلامي في هذا الكتاب).


[1]. مستدرك الوسائل، ج 17، ص 315، ح 14.

[2]. وسائل الشيعة، ج 18، ص 107، ح 33.

[3]. المصدر السابق، ص 106، ح 27.

[4]. انظر: موسوعة الفقه الإسلامي (موسوعة جمال عبدالناصر)، ج 1، ص 25؛ تاريخ التشريع الإسلامي، ص 82- 84.

[5]. انظر: تهذيب التهذيب، ج 4، ص 76.

[6]. دائرة المعارف الإسلامي الكبير، ج 6، ص 605.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 477
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست