responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 467

السمعية، والأول باطل بالإجماع (لأنّا نعلم أنّه مكلّف ولا يتحرر من قيد الأحكام بالبراءة).

والثاني أيضاً باطل لأنّه لو لزمه أن يستدلّ لم يخل من أن يلزمه ذلك حين كمل عقله أو حين حدثت الحادثة.

والأول باطل لوجهين: أحدهما: أنّ الصحابة ما كانوا يلزمون من لم يشرع في طلب العلم ولم يطلب رتبة المجتهد في أول ما يكمل عقله.

والثاني: إنّ وجوب ذلك عليه يمنعه من الاشتغال بأمور الدنيا وذلك سبب لفساد العالم، والثاني أيضاً باطل لأنّه يقتضي أن يجب عليه اكتساب صفة المجتهدين عند نزول الحادثة وذلك غير مقدور له» [1]، وعليه فلا سبيل أمامه سوى التقليد.

ويستفاد من بعض كلمات الفقهاء المعاصرين أنّ وجوب التقليد على من لا يقدر على الاجتهاد والاحتياط هو مقتضى دليل العقل، وقد ورد في كتاب‌ «منتهى الاصول» ما يلي: «إنّ العاميّ إذا علم أنّه يلزم عليه العمل بالأحكام الشرعية ولم يهمل في حقّه تلك الأحكام، وهو عاجز عن فهم الحجج المجعولة واستعمالها ولا يجب عليه الاحتياط، بل غالباً يكون عاجزاً لعدم معرفة موارده وكيفية نفسه، فلا يمكن له ذلك. فيحكم عقله- حكماً بتّياً فطرياً- بلزوم الرجوع إلى من يقدر على استعمال تلك الأدلّة بعد أن استعملها واستنبط (وبتعبير آخر: السبيل الوحيد أمامه هو ظنّ الحاصل من قول المجتهد لا غير» [2].

2. سيرة العقلاء

قامت سيرةالعقلاء في جميع العصور والأمصار على أساس رجوع الناس في جميع العلوم والفنون المهمّة إلى أهل الخبرة والمتخصّصين في تلك العلوم والفنون، وهذه المسألة تعتبر من الأمور البديهية والواضحة في الثقافة الاجتماعية وذهنية العقلاء، لأنّ الجميع يعلم أنّ كلّ إنسان لا يمكنه الإحاطة بجميع العلوم التي يحتاجها طيلة حياته.

وبالإمكان تقديم مثال لتوضيح الفكرة، فأحياناً يؤتى بالمريض إلى غرفة العمليات الجراحيّة المختصّة بالقلب، ولكن بما أنّ المريض يواجه مشاكل مرضية أخرى كمرض السكّري وضعف الأعصاب وما إلى ذلك فسوف يجتمع عليه عدّة أطباء ومتخصّصون في علوم مختلفة، مضافاً إلى المتخصّص في أمر التخدير، ويقوم كلّ واحد منهم بمراقبة ومعالجة المريض في ما يتّصل بتخصّصه، واللافت أنّ كلّ واحد منهم لا يتدخّل في عمل الآخر، بل يتبع كلّ واحد منهم في غير تخصّصه أشخاصاً من أهل الخبرة في تلك المجالات. بمعنى أنّ عدّة علماء ومتخصّصين يتحرّكون في آن واحد على مستوى اتّباع وتقليد علماء آخرين في فروع أخرى غير فروعهم العملية، وهذا العمل مرسوم ومتداول في جميع أرجاء العالم، ويشير إلى وجود سيرة عقلائية في المجتمعات البشرية، وخاصّة في عصرنا الحاضر حيث اتّسعت مساحة العلوم بشكل كبير وتشعّبت الفروع العلمية كثيراً.

يقول مؤلّف كتاب «كفاية الاصول»: «إنّ جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة يعتبر بديهياً وجبليّاً فطرياً لا يحتاج إلى دليل» [3].


[1]. المحصول في علم الأصول، ج 2، ص 458.

[2]. منتهى الاصول للبجنوردي، ج 2، ص 810.

[3]. كفاية الاصول، ص 472.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 467
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست