responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 453

النساء التي تقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ». لأنّ القيام بالقسط يملك مساحة واسعة في واقع المجتمع البشريّ بحيث تنطبق الآية الشريفة على جميع مصاديق القيام بالعدل والقسط.

2. العناوين الثانويّة

إنّ المسائل المستحدثة تندرج في كثير من الأحيان ضمن دائرة العناوين الثانوية، ولهذا نرى من الضروريّ البحث في حقيقة العناوين الثانوية وبيانها، وكذلك تبيين سعة هذه القوانين، وفي النهاية بالإمكان بيان عدّة نماذج من المسائل المستحدثة التي يمكن حلّها بتطبيق هذه العناوين:

أ) تعريف العناوين الثانويّة

تقدّم في ما سبق أنّ لكلّ حكم موضوعاً خاصّاً به، وهذا الموضوع يلاحظ تارة بدون الالتفات إلى عوارضه ويتمّ تقسيمه إلى أقسام وأنواع وأفراد، وتارة أخرى يلحظ مع عناوينه العارضة عليه والتي توجب تغيير الحكم الشرعي له، مثلًا حرمة اللحوم التي لم تذبح بالطريقة الشرعية، فهذا عنوان أوّلي، ولكن إذا واجه الإنسان مشكلة ولم يكن لديه سوى هذا اللحم، أو كان يعيش في بلدان لا يتوفّر فيها الذبح الإسلامي ويواجه الخطر على سلامته إذا لم يتناول هذا اللحم، فهنا يجوز له تناول هذه اللحوم من موقع الاضطرار، كما وردت الإشارة إليه في الآية 3 من سورة المائدة [1]، فهذا (عنوان ثانوي).

مثال آخر: إنّ حفر البئر، سواء كانت بئراً عميقة أو نصف عميقة أو غير عميقة، هو بحدّ ذاته عمل مباح.

ولكن إذا صار مقدّمة لتحصيل الماء والوضوء والغسل فسيكون واجباً، على أساس كونه مقدّمة الواجب وبديهيّ أنّ هذا العنوان الطارى‌ء عليه ليس عنواناً ذاتياً للموضوع، ومن هنا يطلق عليه العنوان الثانوي.

ومن هذا القبيل ما عرف بمسألة تحريم استعمال التبغ التي أفتى بها الميرزا آية اللَّه الشيرازي الكبير [2] لمواجهة تغلغل أعداء الإسلام واستيلائهم على مقدّرات المسلمين وحفظ عزّة المسلمين وقدرتهم من هذا القبيل، لأنّ استعمال التيغ طبقاً لفتاوى الفقهاء في ذلك الزمان جاز بالعنوان الأوّلي، ولكن مع عروض عنوان استيلاء الكفّار وأمثاله صار حراماً.

ب) شموليّة العناوين الثانويّة

لا تنحصر العناوين الثانويّة، كما يتصوّر البعض في «الاضطرار» و «الضرورة» بل لها أقسام وأنواع كثيرة من العسير عدّها، ولكن نشير هنا إلى أهمّها:

أ) «الاضطرار» كما تقدّم توضيحه في المثال السابق.

ب) «الإضرار بالنفس» كما إذا علم المريض أنّ تناول الطعام الفلانيّ المباح يؤدّي إلى وفاته وهلاكه، فهنا يكون تناول هذا الطعام حراماً بالعنوان الثانوي للإضرار.


[1]. «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ ... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي‌مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

[2]. السّيد محمّد بن محمود المعروف بالميرزا الشيرازي المولود عام 1230 ه. ق والمتوفّى‌ 1312 من عظام فقهاء الشيعة. وفي سنة 1291 ه. ق قامت الدولة العثمانية التي كانت تريد نقل المركز الديني للشيعة إلى شمال العراق بإجباره على الإقامة في سامراء، وفي هذه المدينة بالذات أصدر الميرزا الشيرازي فتواه الشهيرة بتحريم استعمال التبغ للإيرانيين عندما فوّضت الحكومة أمر التبغ لشركة بريطانية وأدّى ذلك إلى إلغاء هذا الامتياز ووجّه ضربة حاسمة لمخططات الانكليز (انظر: قاموس دهخدا، ج 12، ص 595).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست