responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 386

المقاربة الجنسية التي يراها الطفل (مع أنّه قاصر عن فهم ودرك مضمون ومعنى هذا العمل) تؤدّي إلى تبعات أخلاقية سيئة كأن تؤدّي به إلى الزنا، فهي مسألة تبيّنت بالتدريج على مرور الزمان.

القسم الرابع: الحِكم والأغراض التي بقيت غامضة ومجهولة ولم يتمّ الكشف عنها لا في بداية الإسلام ولا بمرور الزمان، ولم ترد الإشارة إليها في النصوص الإسلامية، من قبيل عدد ركعات الصلاة، أو حدّ النصاب في أجناس الزكاة، أو بعض مناسك الحجّ وأمثال ذلك.

ولكن هل تتمكّن الأجيال اللاحقة من خلال التطوّر العلميّ في العلوم الجديدة أن تكشف الستار عن جملة من هذه الأغراض والحِكم في هذه الأحكام؟ لا يمكن إعطاء الجواب القطعيّ في هذا الصدد.

ويكفي أن نعلم أنّ حال هذه الأحكام كحال أحكام الأقسام الثلاثة المتقدّمة في كونها مقدّسة وواجبة الامتثال، لأنّ هذه الأحكام كلّها تنبع من مصدر العلم الإلهيّ والمطلق، وتقتضي أن يتحرّك الإنسان من خلالها في خطّ الطاعة والعبودية والإخلاص، ولاسيّما في مقابل هذا القسم الأخير من الأحكام التي تستدعي التعبّد المحض في واقع الحياة.

وهذا هو ما أشار إليه القرآن الكريم في مقام بيان الغاية من تغيير القبلة من «بيت المقدس» إلى «الكعبة» حيث يقول:

«وَ ما جَعَلْنا القِبْلَةَ الَّتى‌ كُنْتَ عَلَيْها الَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى‌ عَقِبَيْهِ وَ انْ كانَتْ لَكَبيرَةً الَّا عَلَى الَّذينَ هَدَىَ اللَّهُ» [1].

فهذه الآية الشريفة تتضمّن بيان أمرين على غاية من ا لأهميّة:

الأول: إنّ السرّ في تغيير القبلة هو في الحقيقة لإظهار التبعية المطلقة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله والتحرّك على مستوى الامتثال والطاعة لأوامره وإرشاداته، وخاصّة في ما يتّصل بالعبادة (رغم أنّ هذه الآية حسب الظاهر تتضمّن جواباً على ادّعاءات اليهود أيضاً، حيث أشار المفسّرون إلى ذلك).

وجملة:

«لِنَعْلَم مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ»

في الواقع إشارة إلى هذه النقطة بالذات.

الثاني: إنّ مثل هذا التسليم المطلق والتعبّد المحض لا يعتبر أمراً سهلًا وميسوراً، بل يتضمّن الكثير من المشقّة الروحية والحرج النفسي إلّالمَن وفقه اللَّه وشملته العناية الإلهيّة، والآية الشريفة تشير إلى هذا المعنى:

«وإنْ كانَتْ لَكبيرةً ...».

وقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام الرضا عليه السلام ما يؤيّد هذا المعنى أيضاً، حيث قال:

«واعْلَمُوا أنَّ رَأسَ طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ التَّسْلِيمِ لِمَا عَقَلْنَاهُ وَما لَمْ نَعْقِلْهُ ... وَإنَّما امْتَحَنَ اللَّهُ عَزَّوجَلَّ بِطاعَتِهِ لِما عَقَلوهُ وَما لَمْ يَعْقِلُوهُ إيجاباً للحُجَّةِ وقطْعاً للشُّبْهَةِ» [2].

ويتحدّث الإمام عليّ عليه السلام في إحدى خطبه عن بعض الأحكام الإلهيّة التي لم تتّضح فلسفتها الأصلية للناس، وأنّ اللَّه تعالى إنّما يريد بذلك اختبار عباده وامتحانهم، حيث يقول:

«... ولكِنَّ اللَّهَ سُبحانَهُ يُبْتَلَى خَلْقَهُ بِبَعْضَ ما يَجْهَلُونَ أصْلَهُ، تَمييزاً بالاختِبارِ لَهُم، وَنَفْياً لِلاسْتِكبارِ عَنهُم، وَإبعاداً لِلخُيَلاءِ مِنْهُم» [3].


[1]. سورة البقرة، الآية 143.

[2]. بحار الأنوار، ج 75، ص 348.

[3]. نهج البلاغة، الخطبة 192.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 386
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست