responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 364

معرفتنا بالحكمة في هذه الأحكام لها آثار إيجابية في تعبئة الأفكار والإرادات وجعلها تتحرّك في خط امثتال هذه الأوامر والنواهي في واقع الحياة البشرية أم لا؟

نحن نعتقد بأنّ الجواب عن جميع هذه الأسئلة بالإيجاب، فالأوامر والنواهي الإلهيّة والقوانين الدينية تابعة للمصالح والمفاسد من جهة، ومن جهة أخرى فنحن نملك الحقّ في البحث والتحقيق في هذا المجال، وكذلك فإنّ لهذه المعرفة والاطّلاع على فلسفة الأحكام آثاراً إيجابية كثيرة تتجلّى في معقولية الأحكام الدينية وخلق الدافع النفساني لدى الفرد في التعامل معها من موقع الامتثال والطاعة. ولكنّ العجيب أنّ جماعة من العلماء (الأشاعرة) ينكرون جميع هذه المراحل الثلاث التي تقدّمت آنفاً، وسيأتي شرح ذلك مع الأجوبة الشافية.

وتوضيح ذلك:

إنّ أحد أهم البحوث والموضوعات المطروحة في علم الكلام، وكذلك في علم أصول الفقه، مسألة (فلسفة الأحكام) بمعنى هل الأفعال الإلهيّة في عالم التكوين وكذلك الأحكام والمقرّرات والقوانين السماوية في عالم التشريع، تنطلق من غايات وأهداف معيّنة أم لا؟

وهذا البحث لا يختصّ بعصرنا الحاضر، بل إنّ الإنسان منذ أن وضع قدمه في هذا العالم، تحرّك في هذا الخطّ بدافع البحث عن الحقيقة، وبدافع الرغبة في الاطّلاع على الغاية من الخلقة وتحصيل الجواب عن الأسئلة التالية:

أ) من أين جئتُ؟

ب) ولماذا جئتُ؟

ج) وإلى أين أذهبُ؟ [1]

إنّ الأشخاص الذين يعتقدون بعدم وجود عالم ما وراء الطبيعة، ويتصوّرون أنّ عالم الخلقة لا غاية له ولا هدف، لا يملكون أجوبة مقنعة عن الأسئلة المذكورة، ولكنّ التيّار الفكريّ للإلهيين يملك إجابات واضحة فيما يتعلّق بهذه الأسئلة وعلامات الاستفهام.

وهكذا الحال فيما يتّصل بالأحكام والتعاليم الإلهية، فكلّ إنسان ربّما يتساءل في نفسه: لماذا يجب أن نصلّي؟ أو نحجّ إلى‌ بيت اللَّه الحرام؟ ولماذا حرّم الإسلام الربا، وما هي الحكمة في حرمة لحم الخنزير؟

ولماذا ورد تحريم استعمال آنية الذهب والفضة؟

وعشرات الأسئلة من هذا القبيل.

ومن أجل استجلاء تفاصيل «هذه المسألة» نتابع البحث في ست مقدّمات وثلاثة فصول، أمّا مقدمات البحث:

الأولى‌: تعريف فلسفة الأحكام‌

الظاهر أنّ المراد من «فلسفة الأحكام» هو الحِكم والمصالح والمفاسد التي تدور الأحكام الإلهيّة في تفاصيلها، حول محورها.

وبعبارة أخرى، أنّ المراد من علّة وفلسفة الحكم الشرعي هو الحِكم والمصالح والمفاسد التي ضمّنها الشارع الإسلاميّ المقدّس في تعاليمه وتشريعاته على أساس «جلب المنفعة ودفع المضرّة». لا أنّ المراد من فلسفة الحكم وعلّته هو العلل والأسباب الحقيقية للحكم الشرعيّ التي تذكر في العلوم الطبيعية والفلسفية،


[1]. قال الإمام عليّ عليه السلام: «رَحِم اللَّه امِرءاً علم من أين وفي أين وإلى أين» (الوافي، ج 1، ص 116).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست