responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 350

المستقلّات العقليّة والبديهيات، إلّاأنّهم لا يعتبرون قيمة للعقل النظري ولا يقبلون بالقطع في هذه الدائرة لأنّهم يعتقدون بأنّ العقل يجوز عليه الخطأ، ومع الأخذ بنظر الاعتبار خطأ العقل فلا يوجد دليل قطعي نظري‌ [1].

ويقسّم الأمين الاسترآبادي في‌ «الفوائد المدنيّة» العلوم النظرية إلى قسمين: أحدهما ما كان قريباً من الحسّ كعلم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق، فلا يتصوّر وقوع الخطأ فيها من حيث الصورة والمادّة، والآخر مثل علم الحكمة «الفلسفة» والكلام وأصول الفقه وأمثالها من العلوم التي تبتعد من الحسّ والإحساس. فالقسم الأول يمكن أن يقع مورد الاعتماد لأنّه لا طريق للخطأ فيه، ولكنّ القسم الثاني غير معتبر لكثرة وقوع الخطأ فيه‌ [2].

ويرى بعض آخر من الأخباريين الذين هم أقرب إلى الأصوليين في هذا الخصوص، أنّه إذا كان الدليل العقلي من البديهيات مثل (الواحد نصف الإثنين) فلا شكّ في صحّة العمل به، وأمّا لو لم يكن بديهياً بل كان قطعياً فيمكن العمل به أيضاً بشرط أن لا يعارضه دليل عقلي نقلي آخر [3].

بينما يقول الأشاعرة: إنّ الحسن والقبح في الأفعال لا يمكن إدراكهما وفهمها بشكل مستقلّ بالعقل وبدون استمداد من الشارع، وعليه أنكروا الملازمة بين حكم العقل والشرع، وهي‌

«كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع»

، وعلى هذا الأساس فقد قاموا بإلغاء العقل‌ [4] كلّياً من أدلّة الأحكام، والحال أنّ الفرق الإسلامية الأخرى خاصة الإمامية يرون العقل رسولًا إلهياً باطنياً ويعتقدون بحجّية الإدراكات العقلية القطعية وإن اختلفوا في دائرة وحدود هذه الحجّية (وتفصيل هذا الموضوع مذكور في هذا الكتاب في بحث منابع الاستنباط في فصل دليل العقل، فراجع).

على أيّة حال، فإنّه على أساس حكم العقل وإدراكه للحسن والقبح يمكن إثبات الكثير من الواجبات والمحرّمات بدليل العقل، مثلًا تحريم الظلم، غصب الحقوق، السرقة، قتل الأبرياء، الكذب، الغيبة، الفساد في الأرض، وما إلى ذلك، وكذلك مسألة لزوم شكر المنعم، ورجحان تقديم العون للمحتاجين، وتشكيل الحكومة الصالحة لحفظ الأمن وإحقاق الحقوق، وأمثال ذلك كلّها ثابتة ومسلّمة بحكم العقل رغم ورود تعاليم دينية في جميع هذه الموارد في الكتاب والسنّة أيضاً، ولكن على فرض عدم وجود آية أو رواية في أحد هذه الموارد فإنّ العقل كافٍ في إثباتها، ولكنّ الأشاعرة ينكرون هذه القضايا.

إلى هنا كان الكلام عن المستقلّات العقليّة، ولكن هناك اختلاف في غير المستقلّات العقليّة حيث أدّى بدوره إلى اختلاف النظر في المسائل الفقهية مثلًا:

1. هل تبطل الصلاة في المكان المغصوب؟ ذهب فقهاء الإمامية إلى الحكم بالبطلان، وقد ادّعى‌ المحقّق الحلّي في كتاب‌ «المعتبر» إجماع الشيعة على بطلان هذه الصلاة [5] واستدلّ لذلك على عدم جواز اجتماع الأمر والنهي، وأنّ حركات الصلاة من القيام والركوع والسجود في المكان المغصوب حرام، ولا يمكن التقرّب إلى اللَّه بفعل حرام، ولكن جماعة من أهل السنّة


[1]. شرح التهذيب للمحدّث الجزائري (مخطوط)، ص 47.

[2]. الفوائد المدنيّة، ص 129- 131.

[3]. الحدائق الناضرة، ج 1، ص 132 و 133.

[4]. شرح المقاصد للتفتازاني، ج 2، ص 282.

[5]. المعتبر، ج 2، ص 108.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست