responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 210

مصيباً وإن أخطأ ذلك الحكم المعيّن الذي لم يؤمر بإصابته، بمعنى أنّه أدّى ما كلّف فأصاب ما عليه» [1].

ولكنّ عقيدة التصويب هذه ووجود «ما لا نصّ فيه» ليس مورد اتّفاق جميع علماء أهل السنّة، فابن حزم يقول في رسالة «إبطال القياس والرأي والاستحسان ...»: إنّ الاعتراف بوجود «ما لا نصّ فيه» غير صحيح

«لأنّ الدّين كلّه منصوص عليه» [2].

وعليه، أوّلًا: رغم أنّ مُعظم علماء أهل السنّة لايعتقدون بمقولة (ما لا نصّ فيه)، لكنّ جماعة كبيرة منهم يعتقدون بذلك. ثانياً: بالنسبة لهذا السؤال: هل يوجد حكم إلهيّ في موارد فقدان النصّ؟ هناك قولان، القول الأول هو ما ذهب إليه الغزالي (وجماعة كبيرة من الأشاعرة) حيث يعتقدون بعدم وجود أيّ حكم إلهيّ في مثل هذه الموارد، بل إنّ المجتهد يضع حكماً على أساس الظنّ (ومن خلال الاستحسان والمصالح المرسلة وأمثال ذلك) وأنّ اللَّه تعالى يمضي ذلك الحكم، وعليه، فهناك أحكام متعدّدة في الواقع بتعدّد آراء وفتاوى الفقهاء (وهذا هو التصويب الأشعريّ).

والقول الآخر هو ما ذهب إليه جماعة أخرى منهم حيث قالوا بوجود حكم شرعيّ في الواقع، ووظيفة المجتهد التحقيق والبحث عنه واستخراجه، ولكن إذا لم يحصل عليه فلا تكليف عليه بالنسبة لذلك الحكم، بل وظيفته ما وصل إليه من خلال الظنّ والتخمين (وهذا هو التصويب المعتزلي).

في حين أنّ فقهاء الإمامية بصورة عامّة يعتقدون:

أوّلًا: أنّه لا توجد مسألة من المسائل التي يحتاج إليها الإنسان وإلى نهاية العالم، لم يذكر لها حكم خاصّ أو عامّ في الكتاب والسنّة، ومن أجل إثبات هذا الموضوع استدلّوا بالقرآن والسنّة، ومن ذلك:

1. يقول القرآن الكريم: «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَىْ‌ءٍ» [3]. ومقتضى عموم هذه الآية هو أنّ جميع الأحكام التي يحتاج إليها البشر قد بيّن القرآن حكمها بشكل خاصّ أو بشكل عامّ.

2. وكذلك يقول: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً» [4].

فكيف يمكن أن يكون الدين الإسلاميّ كاملًا في حين أنّه يواجه فراغاً قانونياً كبيراً في أحكامه؟

ولهذا السبب ورد في الحديث الشريف عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام:

«ما تَرك شَيْئاً يحتاج إلَيهِ الأمَّةُ إلّابَيَّنَهُ فَمَن زَعَم أنّ اللَّه عزَّ وجلَّ لم يُكمِلْ دِينَه فَقَد ردَّ كِتابَ اللَّهِ» [5].

3. وجاء في الحديث المعروف في حجّة الوداع أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله قال:

«يا أيُّها النّاسُ واللَّهِ مَا مِن شي‌ءٍ يُقَرِّبُكُم مِنَ الجَنَّةِ ويُباعِدُكُم مِنَ النَّارِ إلّاوقَد أمَرْتُكُم بِه ومَا مِن شَي‌ءٍ يُقَرّبُكُم مِنَ النَّارِ ويُباعِدُكُم مِنَ الجَنَّةِ إلّاوقَد نَهَيْتُكُم عَنْهُ» [6].

فطبقاً لهذا الحديث لا توجد أيّ مسألة في الإسلام إلّا وقد بيّن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله حكمها بشكل عامّ أو خاصّ.

4. ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:

«إنّ اللَّه أنزَلَ فِي القُرآنِ تِبْيانَ كُلِّ شَيْ‌ءٍ حتّى واللَّهِ ما


[1]. المستصفى، ج 2، ص 363؛ الأصول العامة للفقه المقارن، ص 617.

[2]. المحلّى، ج 1، ص 78.

[3]. سورة النحل، الآية 89.

[4]. سورة المائدة، الآية 3.

[5]. تفسير البرهان، ج 1، ص 435.

[6]. الكافي، ج 2، ص 74، ح 2.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست