و الظاهر أنّ عنوان العرّاف الوارد في غير واحد من روايات الباب (لا خصوص واحد
منها) أيضا عام شامل للجميع، و بالجملة لا ينبغي الشكّ في أصل الحكم بالحرمة.
بقي هنا شيء:
و هو أنّه ما المراد بالجفر و الجامعة و الرمل و الاسطرلاب التي تعدّ من
العلوم الغريبة.
أمّا «الجفر» فالذي يظهر من بعض كلماتهم أنّه في الأصل مأخوذ من «الجفرة»
بمعنى ولد الشاة، و روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أمر عليا بذبح سخلة شاة
و أخذ جلدها ثمّ كتب الملائكة فيها علوما كثيرة، فكان عندهم عليهم السّلام و يسمّى
هذا جفرا [1].
و لعلّ الذي يسمّى بالجفر عندنا شيء من تلك العلوم وصل يدا بيد إلى بعض
الخواص، و يمكن أن يقال: إنّه أمر آخر مثل علم الحساب و الحروف و الجمل التي هي من
العلوم الغريبة تسمّى جفرا لشباهتها به.
أمّا «الجامعة» فهي صحيفة طويلة كانت فيها أحكام الإسلام جميعا حتّى أرش
الخدش، و كانت عندهم عليهم السّلام كما نطق به غير واحد من الروايات [2].
و أمّا «الرمل» فالذي يظهر من كلمات بعض المحقّقين في هذا الأمر أنّه علم
يبتنى على أشكال خاصّة كلّ شكل له معنى.
و أمّا «الاسطرلاب» فهي: آلة رصد قديمة لقياس مواقع الكواكب و ساعات الليل و
النهار يعلم منها بعض الامور.
هذا و قد تلخّص ممّا ذكرنا أنّ الأخبار عن المغيبات سواء كان من طريق التنجيم
أو الكهانة أو العرّافة أو العلوم الغريبة مشكل شرعا، و يدلّ عليه ما عرفت من
إمكان تنقيح المناط من مجموع روايات التنجيم و الكهانة و العرّافة و القيافة و
غيرها، مضافا إلى دلالة بعض ما عرفت من النصوص الصحيحة عليه.