و هو ما حكي في سورة الأنبياء عن إبراهيم عليه السّلام من قوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ...[1] و كذا ما حكاه اللّه تعالى عنه في سورة الصافات
من قوله فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ* فَقالَ
إِنِّي سَقِيمٌ[2] و في
سورة يوسف: ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا
الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ[3] هل هو داخل في مسألة التورية، أو كذب جائز للإصلاح و
الهداية؟ لسان الروايات فيه مختلف:
ففي بعضها يظهر منه الاحتمال الأوّل، أي التورية، فإنّه قال: «إن نطقوا
فكبيرهم فعل» [4].
و يظهر من بعضها أنّه كان من التقية.
و لكن صريح غير واحد منها أنّه كان من الكذب الجائز، للإصلاح و أنّه «لا كذب
على مصلح» [5].
و في غير واحد منها نفي الفعل و الكذب كليهما عن إبراهيم و يوسف حيث قال «ما
فعل كبيرهم و ما كذب»- «و ما كانوا سرقوا و ما كذب» و تحقيق ذلك:
أوّلا: إنّ الكلام في قضيّة يوسف لم يكن منه، و لا دليل على أنّه كان بإذنه، و
لعلّ المؤذّن لما فقد صواع الملك حصل له سوء ظنّ باخوة يوسف، و قال ما قال، و عدم
نهي يوسف عنه لو كان بمرآه لعلّه لمصلحة هناك.
و في قضيّة إبراهيم عليه السّلام «و نظرة في النجوم ...» لعلّه كان مصابا
بالحمّى أو شبهها تنوبه في أوقات معيّنة، فأراد تعيين وقتها كما قيل، و إلّا لا
ربط لسقمه بمسألة النجوم، فلم يكن كاذبا، فتبقى مسألة نسبة الفعل إلى كبير الأصنام،
و سيأتي جوابها.
و ثانيا: يجوز أن يكون المراد سرقة يوسف من أبيه، فتأمّل.
و أمّا نسبة الفعل إلى الصنم الكبير لعلّه كان مشروطا بنطقهم، فتدبّر.