الاولى، فعليه تطهير بدنه وروحه من شوائب الذنوب والرذائل الأخلاقية والعمل
على تنقية روحه وقلبه من العناصر التي تعيق سلوك طريق السعادة والفلاح، على سبيل
المثال: عندما تهطل قطرات المطر من السماء فإنّها تكون صافية وشفافة ولا يكدر
صفوها شيء، لأنّها عبارة عن ماء مقطر، ولذلك لا يخالطها شيء حتى الأملاح، ولكن
عندما تقترب من الأرض وتتصل بالهواء الملوث وتصل إلى الأرض فإنّها تتجمع كلها
لتجري على سطح الأرض، وسوف تحمل معها الشوائب التي تصادفها في طريقها وتتلوث بها،
وكلما جرت المياه على سطح الأرض أكثر فإنّها تحمل معها الشوائب والأتربة أكثر
وتزداد تلوثاً، حتى تتحوّل إلى سيل ممزوج بالزبد والأوساخ والطين.
ويصوّر القرآن الكريم هذه المراحل في الآية 17 من سورة الرعد بأجمل صورة
ويقول:
إذا أردنا استخدام هذا الماء الملوث والانتفاع منه فينبغي لنا تصفيته وتنقيته
من الشوائب والأتربة، أي أن يمرّ هذا الماء الملوث من خلال مصافي متعددة لكي يكون
صالحاً للشرب أو التطهير.
وقصّة الإنسان تشبه قصّة قطرات المطر هذه، ففي ابتداء الخلقة كان الإنسان
كقطرات الماء الصافية طاهراً وعارياً عن الشوائب، ولكنّه تدريجياً وبسبب ارتباطه
بالمحيط ومن خلال التعاطي مع الآخرين في واقع الحياة، سيحمل شوائب ويتغيّر من خلال
رفاق السوء وأجهزة الاتصالات والاذاعات الفاسدة والكتب الضالة