وكلّما نظرنا إلى عالم الطبيعة وعالم الوجود لا نرى أي خلل أو ارتباك في
الخلقة أو في تدبير هذا العالم الواسع، فكل شيء فيه يدلّ على الوحدة والنظم
والتناسق، فالخالق والمدبّر لهذا العالم واحد قطعاً، لأنّ وحدة النظام في عالم
الوجود تدلّ على وحدة الذات المقدّسة، ومثل هذا الإله ينبغي أن يكون هو المعبود
فقط.
د) تفسير المشارق
وربّما يثار سؤالان فيما يتصل بالجملة المذكورة:
السؤال الأوّل: إنّ الآية 40 من سورة
المعارج تقول: «رَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ» فلماذا اكتفت هذه الآية مورد البحث بالقول (ربّ المشارق)
فقط؟
الجواب: إنّ القرآن الكريم زاخر بالفصاحة والبلاغة،
والقائل لهذا الكلام هو الإله البليغ، والفصاحة والبلاغة يقتضيان عدم التكرار
إلّافي الموارد الضرورية، وبما أنّ الآية المذكورة ذكرت كلمة «مغارب» فيمكن
استفادة هذا المعنى في موارد أخرى بقرينة كلمة المشارق.
السؤال الثاني: المشارق جمع مشرق، في حين
أنّه لا يوجد سوى مشرق واحد فلماذا وردت هذه الكلمة بصيغة الجمع؟
الجواب: إنّ الشمس لا تشرق في يومين متتاليين من مكان
واحد وكذلك لا تغرب في مكان واحد، ولهذا ذكر اللَّه تعالى عبارة المشارق والمغارب.
وتوضيح ذلك: إنّ الشمس تتحرك بين 23 درجة من الميل الشمالي
و 23