فأنكر ذلك عليّ عليه السّلام، و رسم لأبي الأسود من عمل النّحو ما رسمه: ما لا يجهل موضعه. [1]
علمه عليه السّلام بالفصاحة
و قد اشتهرت فصاحته في الآفاق يعرفه كلّ مخالف و مؤالف حتّى قيل: إنّ كلامه فوق كلام المخلوقين و دون كلام الخالق و ناهيك في ذلك المراجعة إلى خطبه عليه السّلام و كلماته، و قد جمعنا ممّا أورده القوم من ذلك في كتبهم قدرا كثيرا نستدركه على ما جمعه في نهج البلاغة في مجلّد مستقلّ من ملحقات الاحقاق إن شاء اللّه تعالى و لا نذكر هاهنا إلا أنموذجا مما ذكره القوم في فصاحته.
قال العلامة الشهير بابن أبى الحديد في «شرح النهج» (ج 1 ص 8 ط القاهرة) و أما الفصاحة فهو عليه السّلام إمام الفصحاء و سيّد البلغاء، و في كلامه قيل: دون كلام الخالق و فوق كلام المخلوقين، و منه تعلّم الناس الخطابة و الكتابة، قال عبد الحميد ابن يحيى: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثمّ فاضت، و قال ابن نباتة:
حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الإنفاق إلا سبعة «سعة ظ» و كثرة حفظت مائة فصل من مواعظ عليّ بن أبي طالب، و لمّا قال محقن بن أبي محقن لمعاوية: جئتك من عند أعيى النّاس قال له: ويحك كيف يكون أعيى الناس فواللّه ما سنّ الفصاحة لقريش غيره و يكفي هذا الكتاب الّذي نحن شارحوه دلالة على أنّه لا يجاري في الفصاحة و لا يباري في البلاغة، و حسبك انّه لم يدوّن لأحد من فصحاء الصحابة العشر و لا نصف العشر ممّا دوّن له، و كفاك في هذا الباب ما يقوله ابو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب البيان و التّبيين و في غيره من كتبه-.