تضاربت الروايات في تحديد المقدار الذي وضعه أبو الأسود من علم النحو،
ففي رواية أن عليا رضي اللّه عنه دفع إلى أبي الأسود برقعة كتب عليها: بسم اللّه الرحمن الرحيم، الكلام كله اسم و فعل و حرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، و الفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، و الحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم و لا فعل.
و تقول الرواية أيضا: إن عليا، رضي اللّه عنه أمر أبا الأسود بتتبع هذا الموضوع بعد أن أعلمه أن الأشياء ثلاثة: ظاهر، و مضمر، و شيء ليس بظاهر و لا مضمر، و إنما يتفاضل الناس في معرفة ما ليس بمضمر و لا ظاهر.
و منهم العلامة أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن بن عيسى القيسي الشريشي في «شرح المقامات الحريرية» (ج 2 ص 296 ط دار الكتب العلمية) بيروت قال:
و قال الخليل: كان أبو الأسود ضنينا بما أخذه من علي رضي اللّه عنه، و ذلك أنه سمع لحنا فقال لأبي الأسود: اجعل للناس حروفا، فأشار إلى الرفع و النصب و الخفض، و قال له زياد: قد فسدت ألسنة الناس لأنه سمع رجلا يقول: سقطت عصاتي فدافعه أبو الأسود و سمع رجلا يقرأأَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ فخفض فقال: ما بعد هذا شيء؟ فقال: ابغني كاتبا يفهم فجيء برجل من عبد القيس فلم يرضه فهمه فأتى بآخر من قريش. فقال له: إذا رأيتني قد فتحت فيّ بالحرف فانقط نقطة على أعلاه و إذا ضممت فيّ فانقط نقطة بين يديه و إذا كسرت فيّ فاجعل النقطة تحت الحرف فإذا أشربت ذلك غنة فاجعل النقطة نقطتين، فهذا نقط أبي الأسود
و اختلف الناس إليه يتعلمون العربية و فرع لهم ما أصله، فأخذه جماعة كان أبرعهم عنبسة بن معدان المهري يقال له الفيل فأقبل الناس عليه بعد موت أبي الأسود فبرع من أصحابه ميمون الأقرن فرأس في الناس و زاد في الشرح فبرع من أصحابه عبد اللّه بن أبي إسحاق الحضرمي فبرع في النحو و تكلم في الهمز و أملى فيه كتابا