جزاؤنا من علي قمنا له في أمر عثمان حتى أثبتنا عليه الذنب و سببنا له القتل و هو جالس في بيته و كفى الأمر، فلما نال بنا ما أراد جعل دوننا غيرنا، فقال طلحة: ما اللوم إلا أنا كنا ثلاثة من أهل الشورى كرهه أحدنا و بايعناه و أعطيناه ما في أيدينا و منعنا ما في يده فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا. و أنهى قولهما إلى علي فدعا عبد اللّه بن عباس و كان استبطنه فقال: قد بلغك قول هذين الرجلين؟ قال: نعم بلغني قولهما. قال: فما ترى؟
قال: أرى أنهما أحبا الولاية، فول البصرة الزبير و ول طلحة الكوفة، فإنهما ليسا بأقرب إليك من الوليد و ابن عامر من عثمان، فضحك علي ثم قال: ويحك إن العراقين بهما الرجال و الأموال و متى تملكا رقاب الناس يسملان السفيه بالطمع و يضربان الضعيف بالبلاء و يقويان على القوي بالسلطان، و لو كنت مستعملا أحدا لضره أو نفعه لاستعملت معاوية على الشام، و لو لا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي. قال: ثم أتى طلحة و الزبير إلى علي فقالا: يا أمير المؤمنين، ائذن لنا إلى العمرة فإن تقم إلى انقضائها رجعنا إليك و إن تسر نتبعك. فنظر إليهما و قال: نعم، و اللّه ما العمرة تريدان، أمضيا إلى شأنكما فمضيا.
و قال الفاضل المعاصر محمد رضا في «الإمام علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه رابع الخلفاء الراشدين» (ص 128 ط دار الكتب العلمية- بيروت):
قالت المعتزلة: كل أصحاب الجمل هالكون إلا من ثبتت توبته منهم. قالوا:
و عائشة ثبتت توبتها و كذلك طلحة و الزبير، أما عائشة فإنها اعترفت لعلي عليه السّلام يوم الجمل بالخطإ و سألته العفو، و قد تواترت الرواية عنها بإظهار الندم و أنها كانت تقول: ليته كان لي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بنون عشرة كلهم مثل عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام و ثكلتهم، و لم يكن يوم الجمل، و إنها كانت تقول: ليتني مت قبل يوم الجمل، و إنها كانت إذا ذكرت ذلك اليوم تبكي حتى تبل خمارها.
و أما الزبير فرجع عن الحرب معترفا بالخطإ لما أذكره علي عليه السّلام ما أذكره.
و أما طلحة فإنه مر به و هو صريع فارس فقال له: قف، فوقف. قال: من أي الفريقين أنت؟ قال: من أصحاب أمير المؤمنين. قال: أقعدني، فأقعده. فقال: امدد