المنصور [1]، فأى عاقل يرتضى (يرضى خ ل) لنفسه الانقياد الدّيني و التقرب إلى اللّه بامتثال أوامر من كان يفسّقونه طول وقته و هو غائض في القيادة و أنواع الفواحش و يعرض عن المطيعين المبالغين في الزّهد و العبادة، و قد أنكر اللّه تعالى بقوله:
أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ[2] فالأشاعرة لا يتمشى هذا على قواعدهم حيث جوّزوا صدور القبائح عنه تعالى، و من جملتها الكذب فجاز الكذب في هذا القول تعالى عن ذلك علوا كبيرا، و اما الباقون فانّهم جوّزوا تقديم المفضول على الفاضل فلا يتمشى هذا الإنكار على قولهم أيضا فقد ظهر أنّ الفريقين خالفوا الكتاب العزيز انتهى.
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول: اعلم أنّ مبحث الامامة عند الأشاعرة ليس من اصول [3] الدّيانات و العقائد،
[1] هو أبو جعفر عبد اللّه المنصور العباسي ابن محمد بن على بن عبد اللّه بن العباس عم النبي (ص)، ولد سنة 95 و هو الذي مصر بغداد، و له حكايات و أقاصيص فراجع تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 176 طبع الهند.
[3] اصول الدين هي التي يبتنى عليها الدين، و اصول دين الإسلام على قسمين قسم منها ما يترتب عليه جريان حكم المسلم في الفقهيات، و هو الشهادة بالوحدانية و الشهادة بالرسالة و قسم منها يتوقف عليه النجاة الأخروي فقط، و التخلص عن عذاب اللّه و الفوز برضوانه و الدخول في الجنة، فيحرم دخولها على من لم يعترف به و يساق إلى النار في زمرة الكفار دون العاصين و المرتكبين للذنب في الفروع، فإنهم لا يحرم عليهم الجنة و ان دخلوا النار و وقعوا في العذاب بل يعود مآل أمرهم إلى النجاة ان ارتحلوا عن هذه الدنيا بالعقائد الصحيحة و هذا القسم من الأصول يسمى أيضا بأصول الايمان و من القسم الثاني الاعتقاد بالامامة