فزعم معمّر [1] أنّه لا فعل للعبد إلّا الإرادة و ما يحصل بعدها فهو من طبع المحل و قال بعض المعتزلة: لا فعل للعبد إلا الفكر، و قال النظام [2] لا فعل للعبد إلّا ما يوجده في محلّ قدرته و ما تجاوزها فهو واقع بطبع المحلّ، و ذهبت الاشاعرة إلى أنّ المتولد من فعل اللّه، و قد خالف الكلّ ما هو معلوم بالضّرورة عند كلّ عاقل فانّا نستحسن المدح و الذّم على المتولد كالمباشر للكتابة و البناء و القتل و غيرها، و حسن المدح و الذّم فرع على العلم بالصّدور عنّا، و من كابر في حسن مدح الكاتب و البناء المجيدين في صنعتهما المتبوعين فيهما (المتبرعين بها خ ل) فقد كابر
و يلحق الوجوب للمسبب بالغير من بعد اختيار السبب و ليس في ذم الذي القى الصبى فأحرقته النار ذات اللهب للخصم ما يغنيه في الاملاق إذ ذا على الإلقاء لا الإحراق و الاولى احالة المسألة الى وجدان العرف و فهم العقلاء حيث تراهم لا يتوقفون في استناد الأفعال التوليدية الى مباشرى أسبابها مع كون الدواعي و الإرادات متوجهة غالبا الى المسببات و هي العلل الغائية لصدور الأسباب كما هو واضح عند من نبذ الشبهات هنيئة و تجرد عن شعار الاعتساف و دثار الجهل عصمنا اللّه منهما آمين.
[1] هو معمر بن عباد السلمى قال الشهرستاني في الملل (ج 1 ص 89) ما لفظه: انه أعظم القدرية في تدقيق القول بنفي الصفات و نفى القدر خيره و شره من اللّه و التكفير و التضليل على ذلك و انفرد عن أصحابه بمسائل الى آخر ما قال.
و عد منها انكار قدمه تعالى و منها انه تعالى لم يخلق غير الأجسام و منها عدم تناهى الاعراض الى غير ذلك فراجع.
[2] هو ابراهيم بن سيار بن هاني أبو إسحاق البصري من رؤساء المعتزلة، أخذ عنه الجاحظ و هو عن خاله أبى الهذيل، و له تصانيف في الكلام و مقالات مشهورة، و اليه تنسب الطائفة النظامية من المعتزلة، قال في الريحانة (ج 4 ص 207): انه توفى سنة 231 و عندي في ذلك نظر فتأمل.