القدرة القديمة فليست مستجمعة لشرائط التأثير، و إن أراد الحادثة فليست مؤثّرة، و اما ما ذكره من أنّه يخرج بهذا جواب أبي عليّ بن سينا فهو مدخول بما يتّصل بذلك من كلام أبي علي لتصريحه فيه بأنّ القدرة ليست إلا القوّة التي يكون لها التأثير بالقوّة، و ردّه على من فسّره بالقوّة المستجمعة لشرائط التأثير، فكيف يردّ عليه بهذا التفسير؟ و هو الحكيم الإسلامي المقنّن [1] للأوضاع و القوانين، و قد بالغ في ذلك حتّى حكم بالعمى على القائل به من بعض الأوائل، و الذين وافقوهم من الأشاعرة حيث قال: في فصل القوّة و الفعل و القدرة و العجز من إلهيّات الشّفا:
و قد قال بعض الأوائل و غاريقون [2]، منهم أنّ القوّة تكون مع الفعل و لا تتقدّم و قال بهذا أيضا قوم من الواردين بعده بحين كثير، فالقائل بهذا القول كأنّه يقول:
إنّ القاعد ليس يقوى على القيام، أى لا يمكن في جبلّته أن يقوم ما لم يقم، فكيف يقوم؟ و أنّ الخشب ليس في جبلّته أن ينحت منه باب فكيف ينحت؟ و هذا القائل لا محالة غير قوي على أن يرى و يبصر في اليوم الواحد مرارا، فيكون بالحقيقة أعمى انتهى، و ايضا ما اشتهر من أنّ القدرة صفة تؤثر (مؤثرة خ ل) على وفق الإرادة و كذا التفسير الذي نقلناه سابقا عن شارح [3] العقائد يدفع وقوع إطلاقها على ما استجمع
[2] هو من فلاسفة يونان و يعبر في بعض الكتب عنه ب (افريطون) قبال في كتاب تاريخ سلاطين يونان و حكمائها الذي أصله انجليزى و ترجم بالفارسية في (ص 39 طبع بمبئى) ما حاصله: ان هذا الحكيم كان من أجلة الحكماء و من أعيان تلاميذ سقراط الحكيم فائقا على سائر أصحابه، شريك البحث مع أفلاطون، فلما قتل سقراط انتقل افريطون مع عدة من تلاميذ أفلاطون الى بلدة اسن (اتن خ ل) و جعل يعلم الحكمة لأهلها الى آخر ما ذكره.
[3] المراد التفتازاني حيثما يطلق، و عليه فقد مرت ترجمته في ص 142 من الجزء الاول.