وعليه ، فلا ينبغي الإشكال في تحريم عمل المجسّمات من ذوات الأرواح ، كما لا مجال للإشكال في جواز عمل المجسّمات من غير ذوات الأرواح .
المقــام الثاني
في حكم رسم ذوات الأرواح من دون تجسيم
وقد أفتى جماعة بحرمة ذلك ، واستدلّوا بروايات :
منهـا :ما رواه الصدوق بإسناده عن شعيب بن واقد ، عن الحسين بن زيد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهم السلام) في حديث المناهي قال : « نهى رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم » (33).
ودعوى رفع الضعف باستناد الفقهاء إليه مع عدم إحراز ذلك كما ترى ، وهكذا دعوى استفاضة الرواية مع أنّه ليس لها طرق متعدّدة ، غير مسموعة .
ومنهـا :الأخبار الدالّة على أنّ مَن صوّر صورة كلّفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ .
بدعوى أنّ النفخ يمكن تصوّره في الرسم بملاحظة محلّه ، بل بدونها ؛ كما في أمر الإمام الأسد المرسوم على البساط بأخذ الساحر في مجلس الخليفة ، أو بملاحظة لون الرسم الذي هو في الحقيقة أجزاء لطيفة من الصبغ .
وفيه :ـ كما في تعليقة الميرزا الشيرازي (قدس سره) : ـ أنّه ليس مراد القائل عدم إمكان تحقّق فعل النفخ في غير الجسم حتى يجاب بما ذكر ، بل المراد ـ كما لعلّه الظاهر من عبارة الجواهر ـ أنّ الظاهر أن يكون المنفوخ فيه ممّا يصير حيواناً من الحيوانات المتعارفة بمجرّد نفخ الروح فيه ، ولا ريب أنّ اللون لو فرض النفخ فيه وصيرورته بذاك ذا حياة لا يصير بذلك من الحيوانات المتعارفة ؛ إذ ليس شيء من الحيوانات على هذا النحو ، وإرادة الأمر بجعله حيواناً من الحيوانات المتعارفة بالنفخ خلاف الظاهر ؛ إذ الظاهر إرادة مجرّد نفخ الروح لا جعل تجسّم زائد فيه لو فرض تجسّمه في الجملة ـ إلى أن قال : ـ ولا أقلّ من كونه موجباً للشكّ في إرادة الإطلاق منها (34)، انتهى .