ذلك ؛ فإنّ اضطرار الأخرس لا يوجب تبدّل ماهيّة النكاح ، فلو كان اللفظ دخيلاً في ماهيّة النكاح عرفاً أو شرعاً كان معناه عجز الأخرس عن إنشاء العقد بنفسه ، وكان اللازم حينئذٍ القول بوجوب توكيل الأخرس من يقدر على إنشاء العقد باللفظ وكالة عنه ، لا القول بجواز إنشائه للعقد من غير لفظ .
ومن هنا تبيّن عدم صحة ما حكي عن الشيخ في مقام الاستدلال على عدم صحة المعاطاة في النكاح من استلزامها عدم الفرق بين النكاح والسفاح (1).
النقطة الثالثة: تبيّن ممّا ذكرناه أنّ الكلام إنّما هو في اشتراط الإنشاء اللفظي في عقد النكاح ، بعد الفراغ عن عدم توقّف ماهيّة النكاح على ذلك ، فلابدّ من البحث عن الدليل الذي يثبت به اشتراط الإنشاء اللفظي في صحة عقد النكاح .
وقد حان لنا بعد أن اتّضح محلّ النزاع أن نتعرّض لأصل البحث ضمن المطالب الآتية :
المطلب الأوّل: مقتضى عمومات صحة النكاح كقوله تعالى : {وَأُحِلَّ لَكُم مَاوَرَاءَ ذلِكُمْ} (2)وقوله سبحانه : {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ} (3)وقوله عزّ وجلّ : {وَأَنكِحُوا الْْإَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (4)وغير ذلك ، ترتّب آثار صحة النكاح على كلّ م تحقّق به عقد النكاح عرفاً وإن لم يكن لفظاً ، إلاّ ما خرج بالدليل ، وحينئذٍ فلابدّ في إثبات شرطية الإنشاء اللفظي من الدليل الدالّ على ذلك ، والأصل الدالّ على عدم ترتّب الأثر منتقض بالعمومات المذكورة وغيرها ممّا دلّ على صحة عقد النكاح مطلقاً ، وترتّب الآثار المطلوبة على إنشاء عقد النكاح .
المطلب الثاني: ما يمكن أن يستدلّ به لإثبات اشتراط الإنشاء اللفظي أمور :