. . إنّ الحوزة العلمية في قم ـ والتي نتحدّث عنها اليوم بكل اعتزاز ونكنّ لها كامل الإجلال والإكبار ـ ما هي إلاّ خلاصة وحصيلة الحوزات الشيعية على طول التأريخ ، فقد بدأت هذه الحوزة نشاطها أواخر القرن الثاني أو على أقلّ التقادير في القرن الثالث ، ففي عهد الأئمّة الثلاثة ـ الإمام الجواد والهادي والعسكري سلام اللّه عليهم أجمعين ـ نشأت في تلك الآونة عدّة مراكز وحوزات علمية شهدت فيها قم حوزة علمية بكل ما للكلمة من معنى حيث البحث والتدوين والتأليف والنشر والتدريس والتلمذ .
وعليه ، فقد تكون حوزة قم هي أقدم الحوزات العلمية التي لا تزال تحتفظ إلى اليوم بآثار الأجلاّء كالأشعريّين وآل بابويه وغيرهم ، ثمّ انتقلت بعد ذلك وانتشرت في أصقاع اُخرى من شرق العالم الإسلامي وما وراء النهر وشرق خراسان ، فتخرّج من هذه الحوزات ثلّة من المحدّثين والرواة والمؤلّفين أضراب الشيخ العياشي والشيخ الكشي والسمرقنديّين و و . . .من ثمّ حوزة بغداد حوزة الشيخ المفيد ومن بعده السيّد المرتضى والشيخ الطوسي رضوان اللّه عليهم . . . فيما تأسّست حوزة النجف لتشكّل مرحلة مهمّة ومركزاً للحوزة العلمية في الفقاهة والحديث وسائر